حزب الله يرد الصاع صاعين لإسرائيل

حزب الله يرد الصاع صاعين لإسرائيل

تحليل وآراء

الخميس، ٢٩ يناير ٢٠١٥

فعلها حزب الله، وضرب في العمق الإسرائيلي، في أول رد له على عملية القنيطرة التي إستهدفت رجاله، ففاجأ الجميع، وغيّر بسرعة فائقة خطاب عدم الجرأة والخوف إلى خطاب القوة والإنتقام، رافضاً بذلك تكريس معادلة تقول أن الضربات الإسرائيلية يمكن أن تمرّ مرور الكرام دون ردّ، فارضاً في المقابل معادلة من نوع آخر، معادلة عنوانها "من يعتدي على المقاومة سنحرقه ونجعل منه عبرة للعالم"، في إطار ذلك إن العملية النوعية التي نفذها رجال المقاومة تدل على أن العدو ضعيف وهش ودليل آخر على قدرة المقاومة على تلقينه الدروس القاسية، وأن حادث الموساد لن يؤثر على قوات حزب الله، لكن يزيد من قدرتها على قهر جيش الإحتلال، وأنه عند إتخاذ قرار الحرب لن يستطيعوا الصمود أمام إرادتهم. قرع حزب الله طبول الحرب مع إسرائيل بعد أن نفذت غارة القنيطرة التي إستهدفت قادة في المقاومة، والصراع بين الجانبين طفا على السطح من جديد، وبدأ يكشر عن أنيابه، وبعد توعد إيران وحزب الله بالإنتقام، أعلن حزب الله مسئوليته عن إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على مركبة عسكرية إسرائيلية،إذ قتل وأصاب عدد من الجنود الإسرائيليين في هجوم إستهدف دوريتهم بمزارع شبعا اللبنانية المحتلة، هذا مما دفع الإسرائيليين إلى العيش في حالة خوف ورعب وتوترٍ، كونهم يخشون من أن تؤدّي هذه العملية إلى حرب شاملة ومفتوحة تندلع مع حزب الله وحتى مع إيران وسورية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية. اليوم باتت المواجهة بين الكيان الإسرائيلي وحزب الله اللبناني قاب قوسين أو أدنى، فالردود الأخيرة المتبادلة بين الطرفين كانت عبارة عن رسائل أولية محسوبة بينهما، قد تتدحرج الكرة وتنزلق إلى معركة كبيرة كما حدث في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الصيف الماضي، إن حزب الله نفذ عمليته الأخيرة اليوم بين حدي رفض القبول بأي إعتداء عليه ودون جر المنطقة إلى حرب إقليمية، مؤكداً على أنها لن تكون الأخيرة وقد يتبعها عمليات معقدة للجم الأقاويل عنها في ظل سخونة الجبهة الشمالية، وهنا يمكنني القول إن إنجاز حزب الله هذه العملية تحمل رسائل متعدّدة، وموجهة للكيان الصهيوني وحلفاؤه القدامى والجدد في الوطن العربي وعلى راسهم الجهاديين، الرسالة الأولى كرّس مقولة أنّ حزب الله لن يسكت على دماء مجاهديه، وأنّ ثأره لهم آتٍ لا محالة، مهما طال الزمن، وإنه على جهوزية كاملة لردع الإحتلال، أما الرسالة الثانية، فتنطلق من رمزية مكان العملية في مزارع شبعا، بحيث حرص حزب الله إعادة تسليط الضوء على أرض لبنانية محتلة تكاد تصبح منسيّة بعدما شطبها كثيرون من المعادلة السياسية، ومن جهة أخرى أكّدت أنّه من يحدّد قواعد اللعبة ليست إسرائيل وإنما حزب الله ومقاومته من حيث تحديد المكان والزمان المناسبين، أما الهدف من تلك العملية هي رغبة إيرانية وسورية بمشاركة حزب الله اللبناني في خوض حرب إستنزاف تنهك الإقتصاد الإسرائيلي وتحبط المستوطنين في الشمال الإسرائيلي، بالتالي في مثل هذه الطريقة قد يكون لها مزايا إيجابية بحيث أن الجيش الإسرائيلي المحتل سيبقى متأهباً في شمال إسرائيل وهو ما سيكلفه كثيراً من الأموال، وتترك أثراً سلبياً على برامج تدريب الجيش وتستهلك وقتاً من تحليق الطائرات المقاتلة وطائرات أخرى وهذا يكلف مئات آلاف الدولارات يومياً. في سياق متصل هناك سؤال يردده معظم الإسرائيليين اليوم هو، هل تتورط إسرائيل في حرب شاملة مع حزب الله خاصة بعد العملية التي نفذها في منطقة مزارع شبعا؟ وهل تكون هذه العملية سيناريو تمهيدي مماثل لحرب تموز بين حزب الله وإسرائيل 2006، والتي نشبت عقب أسر حزب الله لجنديين إسرائيليين في يوليو 2006، الذي أعقبه هجوم إسرائيلي على الجنوب اللبناني؟