لماذا حزب الله في الجولان؟

لماذا حزب الله في الجولان؟

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٧ يناير ٢٠١٥

لماذا ذهب «حزب الله» الى الجولان؟
المسألة لا تتعلق بالاستشعار عن بعد، ولا بالاحتمالات، ولا بالتكهنات. ثمة وقائع ووثائق تتحدث عن مدى التنسيق الذي حصل بين اسرائيل و«جبهة النصرة» لتنفيذ عملية خطيرة لا تقتصر على نقل الحرائق الى لبنان وتفجيره، بل والى الغائه...
لم يطلق هنري كيسنجر كلامه جزافا حين وصف لبنان بالفائض الجغرافي. ولم يكن ارييل شارون ليعكس رؤيته الشخصية حين وصف لبنان بـ«الخطأ التاريخي». ثمة مقاربة اسرائيلية، و يعبّر عنها بطريقة او بأخرى، كتّاب ومعلقون( ومستشرقون) غربيون على صلة بالمؤسسة اليهودية، الضاربة في العقل الغربي، كما في الارض الغربية...
هذه المقاربة تقول ان قرناً يكفي لبقاء «دولة لبنان الكبير». وحين تحدث زئيف جابوتنسكي عن المشهد العام في المنطقة، وكان هذا في العشرينات من القرن الفائت، لم يرَ في لبنان سوى الظاهرة العجيبة التي، وبحكم تركيبها الداخلي المعقد، لا يمكن ان تبقى طويلا، ودون ان يقول الشيء نفسه، في وقت لاحق، عن المملكة الاردنية الهاشمية ربما بسبب تلك اللقاءات «الفذة» بين الملك عبد الله وغولدا مئير التي لم تكن بحاجة الى التنكر بملابس رجل لتبدو رجلاً...
ثمة مؤرخ فلسطيني بارز، وكان يشيع في بيروت، ان حالة غرامية حصلت بين صاحب الجلالة والسيدة اليهودية التي قال فيها فرنسوا ميتران، ولشدة قباحتها، «تبدو وكأنها سقطت للتو من مؤخرة يهوذا». الحالة توجت بزواج. هذا ما اكده، ولقد حصل الزواج بين مملكة عبدالله ومملكة داود...
واضح، على المستوى الاستراتيجي(الايديولوجي بطبيعة الحال)، ان المؤسسة اليهودية لا تريد للاعصار الذي يضرب المنطقة، ويزعزعها، الآن، ان يمضي وتبقى الخرائط على ما هي عليه، خصوصا مع الرهان على رئيس يخلف باراك اوباما ويكون من جماعة المحافظين الجدد، والافضل من «حزب الشاي». وحين تحدثت التوراة عن ارض الميعاد (من النيل الى الفرات) كانت تعني تحديدا سوريا والعراق ولبنان وسيناء، شظايا جغرافية وبشرية وتدار من اورشليم..
هكذا لبنان في العين الاسرائيلية. اسألوا يهوشوا ساغي، وكان رئيسا للاستخبارات العسكرية، كيف فوجىء بالمقاومة في لبنان. قال انه لم يتصور ابدا، ولا احد تصور في اسرائيل، ان تلك»الحلقة الضعيفة»، وهكذا كانت توصف الجبهة اللبنانية، يمكن ان تنتج تلك «الاشباح». حتى الان، لا تزال الاشباح تطارد الجنرالات(الحاخامات بطبيعة الحال). هنا المشكلة..
تفكيك «حزب الله» لتفكيك لبنان ام تفكيك لبنان لتفكيك «حزب الله»؟ الاسرائيليون يخططون. هذه المرة الدخول من الخاصرة السورية. ثمة وثائق وتؤكد على مدى التنسيق بين تل ابيب و«جبهة النصرة» للسيطرة على خط الجبهة بين سوريا واسرائيل (الاميركيون اعترضوا...). ليس لان بنيامين نتنياهو يريد اقامة شريط حدودي. الهدف ابعد من ذلك بكثير. اللعب بالخريطة السورية كما اللعب بالخريطة اللبنانية...
لبنانياً، تهريب مئات بل الاف المقاتلين من «الجبهة» والفصائل الحليفة، الى منطقة العرقوب لضرب «حزب الله» في الظهر، بل في اكثر الامكنة حساسية بالنسبة اليه، وبعدما تكون الاستعدادات قد استكملت في بعض المخيمات الفلسطينية التي تعيش حالة من الفوضى العارمة، ولا احد يأبه بآلام الاكثرية ورفضها التفاعل مع السيناريو الاسرائيلي، ودون اغفال الخلايا النائمة بطبيعة الحال في اكثر من منطقة لبنانية.
الخطة لا تتوقف هنا، بل تمتد الى البقاع الغربي وصولا الى طريق بيروت - دمشق، بل وتجاوزه الى حيث يتقاطع مقاتلو النصرة مع مقاتلين اخرين يخترقون معسكر الجبهة الشعبية - القيادة العامة في جرود قوسايا وعين كفرزبد وكفرزبد ويتقدمون للسيطرة على القاعدة الجوية في رياق...
كل هذا في ظل مواجهات هائلة على الارض تضطر الجيش اللبناني الى تقليص وجوده في محيط عرسال، وبالتالي اندفاع مقاتلي «النصرة « و«داعش» الى البقاع الشمالي وصولا الى طرابلس...
هذه ليس مجرد تكهنات. بالاضافة الى الوثائق التي في حوزة «حزب الله»، هناك تقارير ديبلوماسية تتحدث عما يتم تداوله، اسرائيليا، في بعض العواصم الاوروبية حول الاحتمالات اللبنانية والسورية، وعن محاولات استقطاب خطيرة في احدى مناطق الجنوب السورية..
«حزب الله» ذهب الى الجولان ليضرب الخطة في العمق، الاسرائيليون قصفوا الموكب بالصواريخ لانهم كانوا يعلمون ما يبتغيه الحزب الذي قرر القتال ضد «النصرة» وانهاكها في ارضها.الضربة الاخيرة على طريق السويداء تنطوي على دلالات هامة. هل صحيح انه كان هناك ضباط اسرائيليون وسقطوا؟
«حزب الله» هو الذي يعلم. ذهب الى الجولان من اجل ان يبقى لبنان!