صواريخ ورسائل!!

صواريخ ورسائل!!

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٧ يناير ٢٠١٥

في ميادين المعارك كلّ رصاصة تطلق أو هجوم يُشنّ أو هدف يضرب... يجب أن يكون ذا مغزى، ويحقق هدف/أهداف... بعضها أهداف قريبة وأخرى بعيدة، بعضها داخلي وآخر خارجي... وينطبق هذا على الدول والتنظيمات الوطنية المسلحة وحتى الأدوات الإرهابية، مثل تنظيم جيش الإسلام-زهران علوش. في الأمس تعرضت دمشق لمائة صاروخ وقذيفة تقريباً، أصابت مناطق متفرقة من العاصمة، واللافت في الأمر إعلان "علوش" منذ يوم الجمعة 23/1/2015 نيته قصف العاصمة يوم الأحد 25/1/2015، "محذراً جميع المسلمين في دمشق، أنه سيشن حملة صاروخية على العاصمة يتم من خلالها إمطار العاصمة بمئات الصواريخ يوميّاً من طراز كاتيوشا وغراد/20 و40..." وتمكن من تنفيذ وعيده لكن ليوم واحد فقط؛ حيث أعلن هو مساء الأحد "رفع حظر التجوال للمدنيين في العاصمة دمشق حتى إشعار آخر" وليس وقف قصف دمشق كما أعلن في بيانه الأول، وليس كما إدعى في بيانه الثاني فجر الأحد، "تحذير لأهالي العاصمة، بناءَ على معلومات إستخبارية مؤكدة: النظام يجهز لإستغلال ضربة جيش الإسلام الصاروخية وذلك بإستهداف مدارس أطفال ومساجد وكنائس وأماكن تجمعات مدنية... في قلب العاصمة دمشق وينسب ضربها لجيش الإسلام، ونحن نبين للجميع أننا لن نستهدف المدنيين ولا المساجد ولا الكنائس ولا المدارس ولا رياض الأطفال...". نلاحظ هنا تناقضاً واضحاً في تغريدات "علوش" منها: * أنه أعلن نيته قصف أهداف في العاصمة دمشق يوم الأحد، لكنه أعلن في مساء ذلك اليوم، رفع حظر التجوال عن المدنيين، كل المدنيين، هل كان هدف القصف فرض حظر للتجوال أم ضرب أهداف محددة في العاصمة كما أعلن سابقاً؟. * إذا كان يمتلك القدرة على إصابة أهدافه بدقة، فلماذا يحظر على المدنيين التجوال؟ وما هو هامش الخطأ في هذه الصواريخ، وخصوصاً محلي الصنع منها؟. * أي إنسان يمكنه أن يعرف أو يخمن في الحدود الدنيا، جهة إطلاق الصاروخ أو القذيفة من زاوية نزولها، فما هي زاوية نزول هذه القذائف والصواريخ؟ وهل يسيطر الجيش العربي السوري على المواقع التي إطلقت منها؟. * بناءاً على معلوماته الإستخبارية المؤكدة، ألم يكن قادراً على تأجيل قصفه للعاصمة ليمنع "النظام" من إرتكاب مجزرة بحق المدنيين؟ بما أن "النظام" سيستغل "هجمته الصاروخية" على العاصمة، لماذا يعلن عنها مسبقاً؟ ألم يكن قادراً على تنفيذها بشكل مفاجئ أم أن هذا كلّه يأتي في سياق الخداع والتضليل؟... أسئلة كثيرة تؤكد المؤكد، أن هناك أسباب ورسائل أخرى خلف هذا القصف الإرهابي المجرم للعاصمة، فما هي هذه الأسباب والرسائل؟. * أسباب قصف دمشق: 1- يعلم الإرهابيون أن صواريخهم وقذائفهم لن تغير شيئاً في ميزان القوى على الأرض، لكنهم يقصفون بها الروح المعنوية للشعب، وثقته بجيشه، وأماله بالنصر... خصوصاً بعد الأثار الكارثية التي تركتها زيارة الرئيس بشار حافظ الأسد ليلة رأس السنة إلى جوبر، حيث كان لها وقع الصدمة المريرة على معنويات الإرهابيين. 2- ختم "علوش" تغريدته الأخيرة المرافقة للهجوم الصاروخي بعبارة "نعلن رفع حظر التجوال عن العاصمة..."، هو يريد أن يقول للعاصمة وأهلها، أني قادر على ضبط إيقاع حركتكم وحياتكم، وحياة وحركة مدينتكم، ولن يمنعني شيء من ذلك، خصوصاً وأنه أعلن عن موعد الهجوم مسبقاً. 3- تظهير إنتصاره على "جيش الأمة" الذي كان يتشارك معه السيطرة على الغوطة الشرقية، وإبراز تفرده بالقيادة والسيطرة عليها، بعد أن إغتال وقتل وسجن معظم قياداته، وهروب معظم عناصره ولجوئهم للجيش العربي السوري بالمئات منذ أسبوعين تقريباً وحتى الأمس القريب. 4- أعلن "علوش" نيته قصف العاصمة في يوم الجمعة 23/1/2015، أي في ذات اليوم الذي أعلن في صباحه الباكر وفاة ملك آل سعود، وإستلام سلمان للمُلك، وبذلك يؤكد ولائه للحكم الجديد من جهة، ومن جهة أخرى يؤكد الملك الجديد لآل سعود إستمراره بذات النهج المعادي لسورية. 5- يقول بيان "المعارضة السورية" المجتمعة في القاهرة، "إن إنجاز الحل التفاوضي سيفرض على جميع الأطراف الالتزام بمبدأ حصر حمل الدولة للسلاح. الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية، ودمج القوى المعارضة العسكرية المشاركة في الحل السياسي، مما يضمن تحول مهمة هذه المؤسسات إلى حماية استقلال وسيادة الوطن وتوفير الكرامة والأمان لكل السوريين". يعرف الجميع، أن داعش والنصرة موضوعة على اللائحة الأممية للمنظمات الإرهابية فلا مكان لها في أي عملية سياسية سورية، وهكذا يذكر "علوش" الموقعين على بيان القاهرة، والمجتمعون في المؤتمر التشاوري في موسكو، عبر هجومه الصاروخي بأنه أهم وأقوى الفصائل الموجودة بعد حذف داعش والنصرة. 6- توجيه رسالة للقيادة السورية، وللجيش العربي السوري، أن إقتحام دوما –معقل زهران علوش- سيكون مكلفاً، وسيدفع الثمن مباشرة، العاصمة وسكانها. 7- وقف إنهيار المسلحون في دوما ومحيطها، حيث سلّم المئات منهم أنفسهم وأسلحتهم للجيش العربي السوري، وومنع الهروب المتصاعد للآف المدنيين من بلدات الغوطة الشرقية ولجوئهم للجيش العرب السوري. 8- تصاعدت مؤخراً الأحاديث عن تشكيل مقاومة سورية مسلحة، تُسقط "الجدار الطيب" الذي يسعى الصهاينة لإقامته على طول حدود الجولان المحتل مع الوطن الأم-سورية، فيأتي هجوم "علوش" بعد أيام قليلة من الغارة الصهيونية على القنيطرة، ليكمل مفردات التهديد الصهيو-أمريكي لسورية ولكل حلف المقاومة، ستدفعون ثمن هذه المقاومة في دمشق وليس فقط في القنيطرة وسفوح الجولان. * كلمة أخيرة: لا خلاص لنا من هذا الإرهاب، ولا نصر لنا في هذه الحرب، إلا بالوقوف في خندق الوطن، خندق الجيش العربي السوري. إن التواكل، والإكتفاء بمراقبة حركة الجيش العربي السوري والقوى الرديفة له والمقاومة، ومحاولة التهرب من مسؤولية الدفاع عن الوطن والنفس... لن تقودنا إلى شيء سوى أن تُطيل من عمر الحرب وقسوتها على وطننا، ومضاعفة فترة معاناتنا، وتشجع أعدائنا على المزيد من التآمر والقتل والإرهاب... على هذه الأرض وعلينا. لقد حاول "علوش" إركاع دمشق وأهلها، وكسر هيبتها وعنفونها، ولا حلّ لدمشق وأهلها إلا بإنتفاضة شاملة تقاوم هذه الغدة السرطانية الخبيثة، يد بيد مع الجيش العربي السوري، لتقتلعها وتتخلص منها إلى الأبد. بكل الأحوال، يبقى تحمل الألم والخسارة لأيام قليلة، يبقى تحمل الألم والخسارة لأيام قليلة، خير ألف مرة من البقاء تحت رحمة إبن أوى "علوش" وأدواته الإرهابية لأعوام.