" جماعة أنا شارلي اللبنانية ".. بقلم: كميل العيد

" جماعة أنا شارلي اللبنانية ".. بقلم: كميل العيد

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٦ يناير ٢٠١٥

ما دفعني لكتابة هذا المقال, هو اندفاع الكثير من العرب عامة, واللبنانيين خاصة إلى رفع شعار "أنا شارلي" بعد الجريمة التي ارتكبت بحق هذه الصحيفة الهزلية، والتي تمارس وأخواتها السخرية والاعتداء على معتقدات ومقدسات الآخرين, مما مكن التيارات السادية الإجرامية, من توظيف عدد من البسطاء في أعمال العنف والتي طالت الصحيفة نفسها.
نعم "أنا شارلي" رفعها من يدّعي أنّه نخبة المجتمع المدني في لبنان. ولكن ليس في وجه الظلاميين والتكفيريين والساديين والمجرمين بل في مواجهة القوى العاملة على تحرير هذه الأمة وإعادة بعثها من جديد وفق أسس حضارية تتوافق وروح العصر وتهتدي بالرسالات السماوية التي هبطت على بلادنا المقدسة.
نعم "أنا شارلي" رفعها بعض اللبنانيين مدفوعين ممن يعتقدون أنّهم نخب المجتمع المدني اللبناني والذين مددوا لمجلس نوابهم بشكل يخالف المبادئ الديمقراطية التي يتشدقون بها والذي فشل حتى اللحظة في انتخاب رئيس لجمهوريتهم .
نعم  "أنا شارلي" رفعها بعض اللبنانيين, قبل أن تجف دماء عشرات الضحايا في جبل محسن والذين تعرضوا لعملية تفجير إجرامية قبل 24 ساعة من جريمة صحيفة شارلي. ودون أن يرفع هؤلاء شعار "أنا جبل محسن" تعاطفاً مع المدنيين الذين سقطوا نتيجة هذا الفعل الإجرامي.
نعم "أنا شارلي" رفعها من يدّعون بأنّهم المجتمع المدني في لبنان والذي يتزعمه الكثير من القتلة الذين كان لهم الدور الكبير في مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان والتي أودت بحياة مئات الأطفال والنساء وكبار السن الفلسطينيين.
نعم "أنا شارلي" رفعتها (نخبة المجتمع اللبناني المدني ؟؟؟) والتي لم نسمع لها حساً عندما قامت إسرائيل بارتكاب جريمة بحق المدنيين اللبنانيين، الذين لجؤوا إلى خيمة الأمم المتحدة في قرية قانا في الجنوب اللبناني فشنت عليهم الطائرات الإسرائيلية غارة أودت بحياة معظمهم وحولت البقية الباقية منهم إلى مشوهين وعاجزين في ما أصبح يعرف عالمياً بمجزرة قانا.
" je suits Charlie "  كانت جزءاً من تحركات نخبة المجتمع اللبناني المصنوعة في لبنان والتي ما كانت لتقصر لو كان في استطاعتها أن تسير إلى جانب المجرم الكبير نتنياهو في المسيرة التي وصفت بالتاريخية والتي انطلقت في شوارع باريس استنكاراً لحادثة الصحيفة الفرنسية والتي علقت عليها مجلة الأزمنة بعبارة "الإرهاب يتظاهر ضد نفسه ".
وكي لا يفهم كلامي في غير سياقه أقول: في قضايا التضامن والتي أراها صفة إنسانية نبيلة, لسنا على الحياد, بل نقف إجلالاً واحتراماً, لكل الذين يتضامنون مع كل نفس بشرية زهقت ظلماً وعدواناً حتى وإن كانوا من أعدائنا. لأنّ التعاطف مع الضحايا الأبرياء ليست وجهة نظر ناتجة عن مزاجية وأهواء وعواطف تتغير مع المواقف, كما هو حال أبطال جماعة أنا شارلي اللبنانية, بل هي نصرة لحقوق الإنسان تساهم في بلسمة جراحه وانتصاره على قوى الشر والظلام.
ما يؤسف له أن نجد حماسة المتضامنين مع فرنسا من جماعة أنا شارلي اللبنانية قد تفوقت على حماستهم في تضامنهم مع أبناء جلدتهم اللبنانيين في جبل محسن وقانا وغيرها.
إنّ ما يؤسف له أن نجد جماعة "أنا شارلي اللبنانية" تمارس التعالي والعنصرية على السوريين الذين قدموا آلاف الشهداء دفاعاً عن وحدة لبنان واستقلاله.
ما يحز بالنفس أن نجد جماعة "أنا شارلي اللبنانية" يكيلون الشتائم لضيوفهم السوريين الذين انتقلوا بمالهم وعلمهم وأعمالهم وعمالهم ومعلمي حرفهم إلى لبنان وقدّموا له الترياق الذي بدونه لن يستطيع المحافظة على اقتصاده واستقلاله.
إنّ ما يحز بالنفس أن ينشر بعض من جماعة أنا شارلي اللبنانيين المقالات العنصرية بمواجهة السوريين كما فعل المدعو حسين الحزوري في مقالته الأخيرة والسيئة الصيت التي نشرها في صحيفة النهار اللبنانية بعنوان "زحمة سير في شارع الحمراء ".
وأخيراً نقول لجماعة أنا شارلي اللبنانية
نحن جبل محسن ... نحن صبرا وشاتيلا ....نحن دير ياسين ... نحن الأزبكية ... نحن جول جمال ... نحن كل شهيد سقط دفاعاً عن لبنان وسورية وفلسطين والعراق وكل بقعة من وطننا الكبير.