سيدة الياسمين.. بقلم: علي نصار

سيدة الياسمين.. بقلم: علي نصار

تحليل وآراء

الأحد، ٢٥ يناير ٢٠١٥

منذ أن انطفأت الشمعة الرابعة للأزمة التي نعيش والتي غيرت معها معنى السنين ومازلنا غارقين على هامش الزمان حالمين بغد أفضل من اليوم الذي أصبح فيه النسيم عواصف وتكسرت بداخلي أشياء وانطفأت تلك المشاعر وتاه ذاك الإحساس أخذ معه ما تبقى من أحلامنا.. وأمالنا وأمانينا.. فتهنا وضللنا طريق العودة.. ماذا غيّرت فينا تلك السنين؟
فإحساسنا الحزين جرح قلب العواطف وارتعش صوت السؤال وتاه معه الخيال لتضيع بعده الكلمات, أحاول تارة أن أداري ما أنا فيه ويأبى صمتي بغير فضيحتي وتبدأ تعلو في صدري الآهات ويبدأ ليلي بالتسلسل كسيل يجرف أمامه إليً آهات وأحزاناً وآمالاً وأحلاماً تائهة تبحث عن الحقيقة.
توجعني وسادتي الخالية وفراشي البارد والفارغ من أي شيء إلا من عطر ياسمينك وهموم ألقيها اليوم علًي أنساها في الصباح ألملم شتات أحلامي الغابرة والآتية في لحظة لأرى كم أنني أحبك فهناك خزان ماء مثقوب القعر يتسرب منه بضعة أسباب للحياة والأمل على أرضك يا سيدة العشق والياسمين مطلقاً العنان لقلبي بحب جديد..
لحضن دافئ كحضنك كي لا أبقى وحيداً ولأشم رائحة عطرك الهارب من شوارع الريف إلى أضيق الأزقة في المدينة الساحرة فلم يعد يستهويني العطر الباريسي كما استهوى الكثيرين من طالبي الحرية هناك ففي بياض ياسمينك تجتمع العطور... فهل ودعنا يا شام دنيا الهناء؟ وهل ودّعنا الأحلام؟ فجرحنا يا حبيبة أطول وأكثر قساوة من الأيام نفسها.....
سأبوح للقمر في ليلة بيضاء كقلبك وأناجي "الله" في ليلة الميلاد وفي شهر الحبيب أن يعود الربيع الأول ولن يكون الآخر على أرضك يا كنانة "الله" في الأرض وأن يحفظ عينيك اللوزيتين الصافيتين ويسكن الأمن والسلام في حنايا حجارتك القديمة قدم الكون وننصت لك دون أن نسمعك وأنت تقولين لنا عودوا إليً يا أزهار الأمس فأرضي طيبة ومائي يستحم فيه الياسمين كل صباح..
هم يا عزيزتي ما خرجوا منك إلا ليعودوا إليك منتصرة شامخة كقاسيونك الصامد في وجه الأعاصير العاتية فمن يحملك في ذاكرته لا يستطيع إلا أن يعود ولأنه مزروع فينا حبك؛ ارتديك كعشيقة "أبدية" إلى حد التطرف في العشق فهل هناك من يحاسبني على تطرفي وعشقي لك.
فليس هناك من أرض في هذا الكون الرحيب امتزج فيها الثلج والنار كأرضك فلقد روت دماء الشهداء هذه الأرض وهيئت لتلبس ثوبها الأبيض وليس السواد فلقد كرهنا السواد منذ أن ارتفعت راياتهم كغراب ينعق فوق طريدته..
فلبست أرضك البياض فرحاً للدماء الزكية التي سالت وذابوا ببعضهم كعاشقين طال زمن غربتهم فحق لهم أن يلتقوا معلنين أول بزوغ لشمس الحرية ليس التي يدعونها بل الحرية التي شعارها شقائق النعمان التي أبت أن لا تنبت إلا على أرض الشهداء... شهداء الوطن تحت سماء الوطن... فوق الأرض الطاهرة..
تحققت فيك الحضارة رغم كل ما يزعمونه فهنا يلتقي الصليب بالهلال يمتزجان.. يذوبان ببعض فيصبح للحياة لون واحد وطائفة واحدة...
ورقم وطني واحد... هنا زخم الحياة.. هنا الإنسانية بكل معانيها...
فأنا عربي الجنسية... فلسطيني الأب والأم سورية والهوى شامي فلا تقلقي علي يا قدس لابد لسنونو عكا أن يمر بالشام وأهلها ويبني عشه فوق جدران الأموي ليطوف مع يماماته فوق أحيائها معلنين النصر المؤزر بإذن المولى عز شأنه وتعالت أسماؤه...