فضيلة.. بقلم: فادي برهان

فضيلة.. بقلم: فادي برهان

تحليل وآراء

الخميس، ٨ يناير ٢٠١٥

أطلقت وزارة الأوقاف منذ أيام مشروع فضيلة، وهو عبارة عن منظومة أخلاقية رفيعة المستوى تعمل على تأصيل وتكريس الأخلاق في نفوس أبناء المجتمع السوري وذلك مواكبةً للأحداث فالأزمة التي تمر بها سورية أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى قبل أن تكون سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، لأنّ الأخلاق هي جوهر الإنسان وأساسه مضافاً إلى أنّها القاسم المشترك الأكبر الذي يجمع أبناء الوطن على اختلاف مشاربهم وأطيافهم ومذاهبهم وأديانهم فالأديان والمذاهب وإن اختلفت في العقائد أو الأحكام إلا أنّها لا تختلف في الأخلاق، فالفضيلة واحدة لا تتجزأ والخير يبقى خيراً أينما حلّ والأديان السماوية الثلاثة لم تختلف في الدعوة إلى تهذيب النفس وتقويم السلوك وإصلاح ما فسد من العادات والتقاليد.
ولو أننا _ نحن أبناء المجتمع السوري _ تحلينا بفاضل الأخلاق واتصفنا برفيع المبادئ والمثل لما وصل جزء منا إلى ما وصل إليه من سلوك درب التطرف والتشدد والإجرام والاستعداء على الوطن والاستقواء بالخارج، لأننا لو كنا على درجة عالية من التحصين الأخلاقي لما استطاع العدو اختراقنا عن طريق أبنائنا واستغلال هؤلاء لتوظيفهم في قتل إخوتهم تحت مسمى الدين والإسلام ضاربين عرض الحائط كل الروابط الدينية والوطنية والقومية والأخوية والإنسانية متناسين كل المبادئ ومصغين لصوت الخارج الذي أوهمهم أنّ ما يحدث في بلدهم ثورة ضد الظلم والطغيان.
 وبالنتيجة فالتحصين الأخلاقي المجتمعي ضد الاختراق الخارجي والتحلي بالوعي وسعة الأفق ضروري لكل أبناء المجتمع السوري على اختلاف طبقاتهم وشرائحهم وانتماءاتهم فالخيانة إذا انتشرت عمّت وانتقلت من الجريمة لتصبح وجهة نظر يقول بها البعض معتقدين أنّ المبررات التي تسوّقها المعارضة كافية لتكوين منظومة فكرية تقلب البوصلة وتجعل من الدولة السورية الوطنية عدواً وتصف الصهاينة بالأشقاء والحلفاء.
ولو أنّ تلك الشرائح المتورطة _نتيجة جهلها_ بالإرهاب والتآمر تمتعت بأدنى مستوى من الأخلاق والفضيلة لما وصلت لمستوى أن ترتكب الجريمة المشرعنة والمقوننة وباسم الله والدين وتحت شعار المحافظة على الوطن بالرغم من سذاجة الطرح وضعفه فالإصلاح لا يكون بالتخريب والتدين لا يحصل بالتكفير وذلك من أبسط البديهيات.
 وعلى هذا فقد وضعت وزارة الأوقاف _مشكورة_ على عاتقها وشمرت عن ساعدها لتبدأ بعملية الإصلاح الحقيقي للإنسان قبل أن نلتفت إلى البناء والتعمير والسياسة والاقتصاد وغيرها فالإنسان السوري بعد هذه الأزمة عليه أن يشرع بعملية تأهيل أخلاقية تشمل كل مناحي الحياة لأنه المخلوق الذي خلقه الله في أحسن تقويم وهو خليفته في الأرض فهل يجدر بخليفة الله أن يخرب الأرض بدل أن يعمرها؟
فعلينا بجمعنا أن نقف سنداً إلى جانب هذا المشروع العظيم لأننا ولكثرة ما نتعاطى لفظياً مع الفضيلة والأخلاق ربما لا ندرك أهمية هكذا مشاريع بل ربما نمر عليها مرور الكرام ونؤكد عليها بتكرار ممجوج دون أن نتأمل في عمقها ومدى تأثيرها على مجتمعنا شبه المتصدع نفسياً وأخلاقياً فلا حلَّ في سورية إلا بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتعامل الجاد والحقيقي مع نشر الفضيلة وتأصيلها في النفوس عسى أن يثمر هذا المشروع إنساناً سورياً سوياً خالياً من العقد والأحقاد والضغائن مدركاً لسماحة دينه وسعة أفقه وأهمية تاريخه محافظاً على إرثه الثمين مفتخراً بوطنه وبلده شامخاً بمواقف قيادته، فكل الاحترام والشكر والتقدير لكل مشروع ساهم في نشر الفضيلة وإحلال السلام والتحلي بالحكمة وبنى الإنسان قبل أن يبني البنيان.