الله والوطن والجائزة..بقلم: إسماعيل مروة

الله والوطن والجائزة..بقلم: إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الاثنين، ٥ يناير ٢٠١٥

هل نبحث عنه أو يبحث عنا؟ هل يلزمه إخلاصنا أم يلزمنا خيره؟ هل نتعامل معه وفق المبدأ الكوني الجائزة؟! إنّ تربيتنا الدينية والحياتية كلها تقوم على مبدأ الجائزة! فمن يعبد الله يطمع في جائزته، في جنته أكثر من أنْ يرى الجنة في حب الآخر له وفي حبه للآخر! ومن يخوّف من الله يخوّف من عذابه الشديد، ولا ينظر إلى رحمة الله، وفي أنّه زرع في قلوبنا رحمة استأصلناها كرمى للعذاب الشديد!
يوصف العذاب الشدّة، وتصدر الأحكام الشرعية قاطعة لا تقبل نقاشاً، فمن فعل فقد.. في التوراة والإنجيل والقرآن، ومبدأ الجائزة قاطع كذلك، ولكن معالم الطريق إلى الجائزة ضائعة لا نعرف عنها شيئاً، فقد يكون فهمنا قاتلاً على حدِّ الرأي، وقد يكون مستأصلاً للآخر، وقد يكون الآخر خائفاً منا يتوجس في روحه من كلّ ما يمكن أن يكون..
السمو مكانه فهل يبحث عنا؟ والالتصاق بنا صفته فهل نحتاجه نحن؟ من يلزم الآخر أكثر؟
كثيراً ما نطرح الأجوبة، لكننا قليلاً ما نطرح الأسئلة، فالإجابات تتصارع هنا وهناك، وتفتك بنا وبأوقاتنا وأعمارنا، والجواب نعرفه، وإن لم نعرفه انهمر على رؤوسنا، فما من أحد يقول: لا أدري، وما من أحد يعجز عن الجواب، والجواب دوماً قاطع لا يقبل أي نقاش مهما كان هذا النقاش، ومهما كانت غايته!
كان نصف العلم لا أعلم، واليوم كل العلم محفوظ في عباءات يغطيها صليب أو هلال، هو لاهوت قد عجز عن الدنيا، وابتعد عن علم الدنيا، وفجأة صار عالماً بكل شيء، يحكم على عالم الفلك والآثار والذرة، لا يخرج من عباءته عالماً، بل يخرج إلهاً عارفاً بعلم الأوليين والآخر، ما يلزم للحياة والسياسة والاقتصاد والمراوغة، وما يلزم لصكوك الغفران في فتح بوابات الجنة والآخرة لأولئك الذين يسمعون ويعقلون ما يريد هو، لا ما يريد الإله!
والوطن نريده أم يريدنا؟ يغذينا بخيره لنرد له الدين أم لنحيا أفضل؟
لم أعثر إلى اليوم عمن قدم هذه العلاقة بين المواطن ووطنه؟
هل يطلب الوطن منا أن نحيا أذلاء ليعطينا لقب المواطنة؟
هل يطلب من الوطن أن يكون جداراً نمتطيه لنحبه؟
ما الوطن؟ من المواطن؟
في كل لحظة يخرج إلينا من يحدد مفهوم الوطن والمواطنة، وفي كل مرة نجد هذا أو ذاك ينزع صفة المواطنة عن الآخر، متناسياً قداسة الوطن، وإمكانية تعدد مفهوماته بتعدد الأشخاص!
هل من حق أحد أن يحدد حدود فهمنا للوطن؟
هل من حق أي كان أن يرفع صفة المواطنة عن أحد؟
ليس صحيحاً أن الوطن للجميع، إنّه مفهوم يشبه مفهوم الألوهة، وكما الإله يبني علاقته الحسنة مع من يفهم طبيعة هذه العلاقة، كذلك الوطن، الوطن لمن يفهم علاقته به، هذه العلاقة التي مع من يفهم طبيعة هذه العلاقة، كذلك الوطن، الوطن لمن يفهم علاقته به، هذه العلاقة التي لا تقوم على الأنانية والاستئثار، ولا تقوم على مبدأ الجائزة والعقوبة.
الله والوطن مفهومان عظيمان مجردان لا أحد يملك مفاتيحهما، ومن حق كل واحد أن يقدم فهمه الخاص لهذه العلاقة، يحيا بها ولا يفرضها على أحد، يتنفسها ولا يدخلها في أنوف الآخرين..
لست صاحب منّة على الإله إن قمت بالعبادات
ولست أكثر تميزاً ممن لا يفعل
وليس من حقك أن تقصيه عن الإله
كذلك لست صاحب فضل إن بقيت في أرضك أو غادرت، فالأرض لا تتشبث بأحد..
ولست صاحب فضل إن كنت تعمل واجبك
وليس من حقك أن تشتم وطنك إن عاقبك أحدهم
التصق بفهمك ولا تنتظر من أحد أوراق اعتمادك لله أو لوطنك.