الأسد دخل جوبر وشارك جنوده "عشاء الانتصار" .. وهذه أسبابنا

الأسد دخل جوبر وشارك جنوده "عشاء الانتصار" .. وهذه أسبابنا

تحليل وآراء

السبت، ٣ يناير ٢٠١٥

لم تعد أخبار "جرائم" تنظيم داعش في سوريا والعراق تلقى اهتمام وسائل الإعلام "العربية" على وجه الخصوص، بعد الزيارة "المفاجئة" التي قام بها الرئيس السوري «بشار الأسد» إلى أكثر الجبهات السورية سخونة ليلة رأس السنة، والتي شكّلت "صدّمة" حقيقية للذين راهنوا ومازالوا على عدم قدرة الجيش السوري على حسم المعاركة "المستمرة" هناك، فقد تجاهل إعلامهم منع التنظيم مثلاً من بقي في "الموصل" من إحياء ذكرى المولد النبوي، أو منع "مسيحييها" من إقامة قداديسهم إحياءً لعيد ميلاد السيد المسيح، ولم تلفت انتباههم عملية "الإنزال" الفاشلة التي قام بها التحالف بقيادة أميركا في الرقة لإنقاذ الطيار الأردني «معاذ الكساسبة» الذي أسقطت طائرته أواخر الشهر الماضي ورهائن آخرين، حتى أن "حفلات الاغتيال" بين الميليشيات المتشددة في سوريا والتي كان آخرها مساء أمس في حرستا حين اغتيل اثنين من كبار قادة "جيش الأمة" الإسلامي على يد "مجهولين"، لم تعد تتصدّر عناوين نشراتهم الرئيسية أو الصفحة الأولى في جرائدهم، كما أنهم تجاهلوا بقصد على مايبدو المؤتمر الذي يجري الإعداد له في موسكو والذي سيجمع المعارضة السورية على طاولة حوار مع الحكومة السورية، كل ذلك وغيره طبعاً، تم تجاهله على حساب "تفنيد" زيارة «الأسد» إلى جوبر ومحاولة "كشف كذب النظام السوري" في هذه الزيارة و"إثبات أن الرئيس الأسد لم يتناول الفول مع جنوده ولا البطاطا ولا التونة".

عندما قام الرئيس «الأسد» بزيارة أحد أهم المواقع العسكرية ليلة رأس السنة، كان يعرف جيّداً أن هذه الزيارة ستقلب "مزاج" وسائل الإعلام المتابعة لأخبار المعارك في سوريا، وأنها ستفرّغ نفسها لأيام وهي تكرر مشاهدتها لمقطع الفيديو الذي أظهر «الأسد» بين جنوده في جوبر "يتعشّى" معهم ويشرب "الشاي" ويتجوّل برفقتهم على "خطوط النار" بـ"هدوء" آخذاً كل وقته ودون رقيب يُذكر، وهذه رسالة نظن أنها وصلت بسرعة للمشاركين في "إحراق سوريا"، أن الرئيس «الأسد» له ثقة مطلقة بين جنوده، فكأس "الشاي" الذي استقبله به "جنود المدرعات" لم يخضع لـ"فحص مخبري" أو "دراسة أمنية" قبل أن يتجرّع منه «الأسد» رشفته الأولى، كذلك حول "العشاء الفاخر" الذي شارك «الأسد» جنود الجيش به.

على مدار اليومين الماضيين، تفرّدت وسائل الإعلام "المعارضة" للحكومة السورية بنبش "الثغرات" التي لم ينتبه لها "الممثلون" في جوبر، حيث بدأ "الاكتشاف" العظيم مع قناة "العربية" السعودية، التي "أكدت" بحسب خبرتها "الجغرافية" في المنطقة، أن قدما الرئيس «الأسد» لم يدخلا جوبر، بل كانت زيارة "سريعة" لمنطقة الزبلطاني"، دون أن تذكر أي معلومة عن المنطقة المذكورة، وهنا يتوجّب علينا أن نذكّر القناة السعودية بأن "الزبلطاني" هي إحدى مداخل جوبر الرئيسية وبالتالي فمن الطبيعي أن يحط «الأسد» رحاله فيها أولاً، ومن ثم الانتقال إلى "الداخل الساخن" تدريجياً، فالقناة السعودية ولكي تحقق "سبقها الصحفي" في كشف "المؤامرة الأسدية"، نسيت على مايبدو أن تسأل "نشطائها" عن جغرافية المنطقة قبل أن تورّط نفسها في "سحرٍ" سريعاً ما انقلب عليها.

بعد "العربية"، اكشتفت صحيفة "النهار" اللبنانية ثغرة أخرى لم تنتبه لها "العربية" على مايبدو، في الزيارة "التاريخية" إلى جوبر، وطرحت مع الاكتشاف "العبقري" سؤال محرج حقيقةً قالت فيه: "ما سرّ سائق الدبابة الذي يظهر خلال زيارات الأسد" ...؟؟. الصحيفة "انتبهت" بعد "موقع زمان الوصل" المعارض، بأن أحد سائقي الدبابات المشاركة في العمليات العسكرية ظهر يصافح الرئيس «الأسد» في داريا قبل أن يظهر مرةً أخرى في "جوبر"، طبعاً لم تنسى الصحيفة الحديث عن سرً "أسنانه البيضاء" دون أن نعرف ماسبب ذلك كون المادة بحسب "فهمنا المتواضع" كتبت بسرعة فعلى مايبدو نسيت الصحيفة أن توضّح سبب الاهتمام بـ"أسنان" سائق الدبابة، كما نسيت أيضاً أن "قوات النخبة" في الجيش العربي السوري ومنها "سلاح المدرعات"، يتنقل ضمن قطاع واحد بحسب المهمة الموكلة له، وأن (داريا والمليحة وجوبر)، هي نقطة عمليات واحدة بما أن تلك المناطق كانت موصولة ببعضها عبر طرق وشبكة أنفاق تستخدم في التسليح وكر وفرّ العناصر المسلّحة العاملة بينها، وأن بعد تحرير المليحة انتقل قسم من القوة العاملة من الجيش السوري في تلك المناطق إلى قطاع جوبر، الذي أعلن جبهة مغلقة من قبل الجيش السوري بعد تحرير "المليحة" بأيام فقط، أي أن "سائق الدبابة" الذي تحدثت عنه "النهار" وهو "أحد القادة الميدانيين في سلاح المدرعات السوري"، من الطبيعي أن يكون من القوات التي انتقلت إلى قطاع جوبر ليستكمل عمله هناك إلى جانب باقي القوات.

كما طرحت الصحيفة اللبنانية سؤالاً "محرجاً" ثانياً لانستطيع أن نمرّ عليه مرور الكرام، حين تساءلت "ألا يوجد في جيش النظام بديل له "لسائق الدّبابة"، فظهر في داريا ثم في جوبر بعد سنة ونصف تقريباً بنفس الابتسامة وبأسنان بيضاء لامعة ..؟". في الحقيقة كان باستطاعة الصحيفة أن تسرق لنفسها لحظة وتبحث في أرشيف المعارك التي خاضها الجيش السوري على كامل المساحة السورية، من شمالها إلى جنوبها وشرقها وغربها، تستطيع حينها أن "تستنتج" أن الجيش السوري لو لم يملك في صفوفه الكثير من مثيل هذا "القائد"، لكان تفتت بعد شهور قليلة من اندلاع الأزمة في البلاد، في ظل الدعم المادي والمالي واللوجستي والعسكري الذي تقدمه دول عربية وإقليمية للميليشيات في سوريا، وما حسم معاركه في الريف الدمشقي وأنهى تواجد الميليشيات في معظم حمص والريف الحلبي، أو تمكّن بعد أربع سنوات قتال أن يُحيط حلب بـ"سور" عسكري، وأن يرد داعش عن مطار دير الزور أو "جبل الشاعر" وغيرها من المعارك التي تتسبب بانهيار أضخم جيوش الأرض إن لم يمتلكوا في صفوفهم "جنوداً" يدافعون عن وطن بأكمله وليس "نظام" كما يحاولوا التسويق منذ بدء الأزمة السورية.

إضافةً لما سبق أيضاً، فإن الهجوم الذي شنّه «فيصل القاسم» على الزيارة، يؤكّد أن "ناشطوه" في جوبر أكدوا له تلك دخول «الأسد» إلى المنطقة ليلة رأس السنة، ما أثار جنونه ليخصص لها أي للزيارة حلقة خاصة أمس ببرنامجه "الاتجاه المعاكس" على قناة الجزيرة "القطرية" ...!!،

ما نريد قوله حقيقةً، أنه من الممكن أن يكون الرئيس «الأسد» لم يدخل إلى "عمق جوبر" حيث العمليات العسكرية التي تمتاز بالقتال "القريب" وأحياناً بين غرفة وأخرى، والتي تخوضها قوات النخبة من الجيش السوري، لكن من المؤكّد أن «الأسد» اقترب كثيراً من "خطوط النار" التي تبعد عن الاشتباكات "الحقيقية" مسافة لاتزيد عن 300م، حيث تتواجد مراصد الجيش السوري الموكل لها تسهيل عمل "قوات الالتحام" من خلال استهدافها للقناصة من الميليشيات ورماة القذائف الصاروخية المضادة للمدرعات، وهي عادةً ما تكون أول "خط نار" ثابت خلف القوات المقتحمة والملتحمة في ساحة الاشتباك.

لن نتفاجئ في الأيام "الكثيرة" القادمة إن ظهرت اكتشافات أخرى لوسائل إعلام تؤكّد "عدم زيارة الأسد" للمنطقة، أو تكذيب لتفنيدنا "السابق" لمحاولة خداع أنفسهم بـ"ما لايشتهون"، لكن علينا أن نذكرهم أيضاً بأن "جوبر" تخوض "معاركها الأخيرة" بعد أن أغلق الجيش أمس على المسلحين نفقهم الأخير البالغ طوله "600م"، وأن الأيام القليلة القادمة ستؤكّد لهم صدق مانقول.