كلّموني في الـ2015

كلّموني في الـ2015

تحليل وآراء

الجمعة، ٢ يناير ٢٠١٥

 في بداية الأزمة السورية عام 2011، كان الجميع يحج إلى قصر الشعب في دمشق لسماع تقييم الرئيس بشار الأسد لما يحدث في سوريا. الجميع كان يريد أن يستشرف ماذا يُخطط لسوريا، ما هي الصورة لما يحصل عند الرئيس، هل النظام آيل للسقوط، هل سيواجه بمفرده أم ضمن منظومة إقليمية من بيروت إلى طهران وموسكو؟
فَهِمَ النظام السوري أنّ عاصفة الربيع العربي ستحط رحالها في سوريا، ستثير من حولها الكثير من غبار الدمار والتقسيم والخروج عن سيطرة الدولة، ستثير أيضًا رغبات أطماع دفينة لجهات عدة في تلك البلاد، من طموح أردوغان إلى طموح الصهاينة، كل هذا سيدفع ثمنه الشعب السوري ولن يتمكن من دفن هذه المخططات إلا بعد عدة سنوات. "كلّموني عام 2015"، هذا ما كان يردده الرئيس الأسد أمام زواره.
اليوم نحن ندخل في هذه السنة المنتظرة. المشهد تبدّل كثيرًا عن عام 2011. الجميع يدرك أننا على أبواب حل ما بدأ إعداده في سوريا. الصورة ما زالت غامضة نعم، إلّا أنّ ما يكفي من الإشارات قد صدرت لتؤكد للجميع أنّ هناك تحولات حقيقية في السياسات العربية والغربية قد حصلت.
الكويت تعيد فتح السفارة السورية، سفارة بفريقها الآتي من حكومة يقودها بشار الأسد، لم يتغير سياسيًا أي شيء عند النظام السوري، بل انهارت السياسة الخليجية، وأخذ اليأس مأخذه من حلم الخليجيين بالسيطرة على نظام دمشق.
السؤال الأهم، فيما لو كان عام 2015 عام الحل في سوريا، واستوجب الأمر فرض التنسيق من قبل الجميع للجم الإرهابيين هناك، ألا يعني ذلك دفعًا لكل الحركات التكفيرية إلى قاعدتها الأساس حيث نشأت الوهابية، أي دول الخليج؟ ألا تكون بهذه الحال السنة القادمة، هي السنة التي تتحقق فيها وعود الرئيس بشار الأسد لأنظمة الخليج، تلك التي كان يهدد بها منذ بداية الأزمة في سوريا ومفادها أنّ فشل المتطرفين في سوريا سيرتد إلى الخليج؟
حين تجتمع إرادة الدول، كما يلوح في الأفق وكما بدأ الأمر يأخذ منحى عمليًا، على إعادة الإستقرار إلى سوريا، فلا بد أنّ ذلك يعني بداية إضعاف المنظمات التكفيرية هناك، وبالتالي لا بد لتلك الكيانات أن تبحث لنفسها عن بديل وفق ما تسمح الظروف.
إنّ المنطقة اليوم أمام احتمالين يقودان إلى النتيجة نفسها:
إمّا استراحة محارب وهدوء نسبي تقوم به الحركات الوهابية التكفيرية تمهيدًا لإعادة استجماع القوى ومن ثمّ الإنطلاق إلى الخليج بعد فترة وجيزة أي بعد سنوات قليلة. إستراحة محارب قد تبدو ضرورية ومنطقية بعد انتكاسات تعرّض لها التكفيريون في سوريا والعراق، بعد ما يقارب 4 سنوات من القتال المتواصل.
وإمّا التوجه خلال أشهر إلى بدء النشاط العسكري التطرفي في دول الخليج، بالتعاون مع من يطمح منذ زمن في تلك الدول إلى الصعود من مرتبة الوصيف إلى مرتبة الأصيل. هكذا ستُفتح الأبواب أمام التكفيري ليقلب الطاولة في الدول الخليجية على رؤوس الجميع، أي الوصيف والأصيل، فيتسلم هو زمان الأمور تمهيدًا لمنطقة أكثر تطرفًا تحقق الهدف الأمريكي بعيد المدى الذي يتمثل بإقامة فتنة مدمرة بين منطقة عربية داعشية وجيش إيراني ضخم يُجَرّ إلى المعركة.
"كلّموني في الـ2015"، عبارة سنبدأ برؤية انعكاساتها قريبًا ربما، في حال ترجّح الإحتمال الثاني على الأول.