عودة الحرب الباردة للاشتعال ..بقلم: صالح صالح

عودة الحرب الباردة للاشتعال ..بقلم: صالح صالح

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٤

حددت روسيا العقيدة العسكرية الجديدة لجيشها، معتبرة أن حلف شمال الأطلسي يشكل التهديد الحقيقي لأمن البلاد بسياساته العدوانية التي ينتهجها تجاه الدول في كافة بقاع الأرض..
هذا يعني أن الحرب الباردة بدأت من جديد وربما تتوسع مكانياً وزمانياً لتأخذ مداها على امتداد النصف الأول من القرن الواحد والعشرين.
المقدمات والملامح التي تبلورت الى الآن توحي بأنها لن تكون كالحرب الباردة التي اعتدناها في النصف الثاني من القرن الماضي، فهي لم تصل الى حد المواجهة العسكرية المباشرة حتى في أكثر اللحظات خطورة وتوتراً بين قطبيها الرئيسيين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبقيت خطوط الهاتف الأحمر مفتوحة، تبرّد الرؤوس الحامية في كلا الجانبين، إذا ما احتد الخلاف وأصبحت الأصابع على الزناد في المناطق الملتهبة، وهو ماجعل العالم ينجو من مواجهات كان يمكن أن تنتج حرباً عالمية تحصد الأخضر واليابس.
لكن الحرب الباردة هذه المرة مختلفة لأنها ليست على قاعدة الخلاف العقائدي المعهود بن شيوعية ورأسمالية تبحث كل منهما عن سر الخلود عبر انتصارات وهمية قد لا تتجاوز خيالات صانعيها، إلّا أن قاعدة الصراع مبنية اليوم على المصالح وخاصة الاقتصادية في أزمات دولية متوحشة تنذر الجميع بأسوأ العواقب، إذا لم يحصّن نفسه جيداً، ويؤمن لشعبه احتياجاته الأساسية، وإلا فرياح الفوضى لابد أن تهب وتأخذ في طريقها كل من لم يحصّن نفسه جيداً.
من المؤكد أن الروس كانوا يبحثون في دروب مظلمة عن أبواب الخلاص ففتحت لهم دمشق البوابة ليعودوا الى الميدان الدولي وهم أكثر قوة وتصميماً بعد أن شدوا سروج خيولهم وقرروا أن يأخذوا مكانهم الصحيح في ساحة المنازلة الدولية.
الكاوبوي الأمريكي القائد الفعلي لقطيع الناتو لن يعود الحاكم المطلق لقارات العالم الخمس، فملامح القطب الآخر تشكلت وانطلق في تثبيت ركائزه على الأرض.
انتهى زمن القطب الواحد الذي امتد منذ تسعينيات القرن العشرين حتى بداية الأزمة السورية التي قلبت الموازين، وجعلت روسيا تسرّع في بلورة ذاتها بشكل علني وحاسم من خلال مواقفها في مجلس الأمن والأمم المتحدة ومؤسساتها الداعم للشعب السوري وقيادته أمام الهجمة الظالمة التي تشن عليه.
إعلان موسكو لعقيدة جيشها بهذا الشكل العلني يوحي بأنها استعادت ثقتها العالية بنفسها وبجيشها وبصوابية ما تفعله في تحالفاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية التي توضحت في التنسيق القائم أصلاً مع الصين والهند وإيران ودول البريكس وغيرها من الدول المتضررة من سياسات أمريكا والغرب.
أعين العالم اليوم مشدودة نحو الكرملين بانتظار الخطوة الثانية قبل أن يسخن الجليد على أبواب الكرملين.