الأوروبيون يستقطبون الإسلاميين المتشدّدين ليرسلوهم إلى سورية

الأوروبيون يستقطبون الإسلاميين المتشدّدين ليرسلوهم إلى سورية

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

أربع سنوات تكاد تنقضي على بدء الأزمة في بلدنا، وهناك أشخاص لا يزالون مصممين على المزيد من الدمار، ونشر الفوضى والرعب في الأحياء والمناطق الآمنة وبين المواطنين الذين استنزفتهم الحرب المعلنة على بلدنا مرتين: الأولى حينما تم تهجيرهم من بيوتهم عنوة, والثانية حينما أصبحوا مشردين لا مأوى لهم سوى عدد من مراكز الإيواء التي لا تتسع لذلك الكم الكبير من المتضررين، وكذلك موجة الغلاء التي اعتلاها تجار الأزمة والحروب، الذين أصبحوا يثرون اليوم على حساب آلام مئات الآلاف من السوريين.
دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية تحاول الاستفادة من الحرب المعلنة على سورية بضخ المزيد من الإرهابيين والتكفيريين الموجودين على أراضيها إلى سورية بذرائع وحجج واهية، وبعد أن تزرع في أذهانهم فكراً غريباً عن واقع حياتنا، وعلاقاتنا الاجتماعية التي يسودها الحب والوئام والتعايش المشترك منذ آلاف السنين لطيف واسع من العرقيات والإثنيات والأديان التي كانت سورية وعلى الدوام مهدها ومنطلقها باتجاه كل دول العالم.
لم يسبق لبلدنا أن تعرضت لكل هذا التخريب الممنهج، ولهذا التدمير الذي يطول كل البنى التحتية، ومصادرة الثروة الوطنية إضافة إلى سرقة المنشآت الصناعية، التي شكّلت بمجملها في السنوات العشر التي سبقت الأزمة طفرة صناعية نقلت البلاد إلى حالة من الانتعاش الاقتصادي وعاش جميع المواطنين بحبوحةً من العيش غير مسبوقة في تاريخ سورية الحديث.
 حالة من الذهول كانت على محيّا القادمين إلى سورية، سواء كانوا قادمين مع حملات إغاثية أو كانوا متطوعين جاؤوا ليقدموا ما لديهم من مساعدات تم جمعها من بلدانهم، أو في بلدان الاغتراب، بسبب ما كانت تضخّه وسائل الإعلام الغربية وقنوات عربية من أكاذيب عن سورية جعلت الكثيرين يخشون من القدوم إليها إضافة إلى ما حملوه في أذهانهم من أفكار مشوهة سرعان ما اكتشفوا ماهيتها، وكم كانت مزيفة ولا تمت إلى الواقع بأي صلة.. وهذا ما لمسته شخصياً في حديث السيد رشاد الباز الذي حضر مع قافلة الإغاثة الجزائرية التي حملت شعار قافلة الرحمة قبل ثلاثة أشهر تقريباً.. وحينها تحدث بشفافية عما يجري في أوروبا، وعن الأهداف والغايات التي بنت من أجلها دول أوروبية المساجد، وجنّدت فيها رجال دين هدفهم استقطاب الشباب المسلم، الذين يحملون فكراً متشدداً، وكيف أنّ هؤلاء قد غررّ بهم، وضلوا عن طريقهم وفقدوا بوصلتهم من خلال رجال الدين الذين زرعوا أفكاراً مغايرة لتلك التي ورثناها عن الدين الإسلامي الحقيقي وعن الأديان كلها التي تدعو جميعها إلى المحبة والسلام.. وضرب الباز مثلاً عن صديق له من المغرب كان يعيش في هولندا واشتغل في التجارة حتى ازدهرت أعماله، وبنى لأولاده الثلاثة بيوتاً تحفها الحدائق والمسابح، ولكن التلاعب بالعقول أوصل أولاده وزوجاتهم إلى رجال دين أقنعوهم بضرورة الجهاد في بلاد الشام، فتسممت عقولهم وجاؤوا إلى سورية, وهم لا يعرفون شيئاً عن خريطتها الديموغرافية، ولا عن طبيعة الناس وتعايشهم منذ آلاف السنين رغم اختلاف مشاربهم وتعدد عرقياتهم ويضيف الباز: لقد جنّ صاحبي وكاد يفقد عقله، فما بناه لأبنائه من مجد دنيوي قام بتخريبه رجال دين جهلة سيئون.
يبنون مجتمعا جديداً
محض مصادفة تلك التي جعلتني أصعد في سيارة الشيخ محمد الطبّاخ الذي كان يقطن في هولندا في مدينة محاذية للحدود الألمانية، وجاء إلى سورية بعد أن وعى المؤامرة التي تحاك ضد شعبنا وخيرات بلادنا، وأنّ يد التخريب تحاول أن تطول كل شيء, بما في ذلك الإسلام الذي يحاول الغرب أن يجعل أبناءه مطية يحقق من خلالها أهدافه في السيطرة على البلدان العربية ونهب مواردها وخاصة النفط، ولذلك اخترعوا لهم ما يدعونه زيفاً "بالربيع العربي"، وتحدث الشيخ محمد الطبّاخ عن الأسباب الحقيقية التي تجعل الأوروبيين يستقبلون السوريين وغيرهم من العرب على أنّهم لاجئون، إضافة إلى المعونات التي يتقاضاها الأوروبيون من صندوق النقد الدولي، والتي تعادل ضعف ما يعطونه للاجئين، فهم يبنون مجتمعاً جديداً من خلال اللاجئين الذين يتنازلون للدولة صاحبة الإقامة فور وصولهم، وفي المدارس يعلمونهم كيف يرفضون تعليمات آبائهم، وإن اقتضى الأمر فالشكوى على الوالدين للشرطة التي تحضر على الفور.
إسماعيل عبد الحي
Esmaeel67@live.com