دواعش الشرق.. ودواعش الغرب.. بقلم: د. فايز الصايغ

دواعش الشرق.. ودواعش الغرب.. بقلم: د. فايز الصايغ

تحليل وآراء

السبت، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

أغلب التقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث الأميركية تتحدث بأسلوب أو بآخر عن نمط من السياسة الأميركية التي يصعب تفسيرها على حد قول الكتّاب الأميركيين أنفسهم، ويعزو البعض صعوبة التفسير إلى التقلبات غير المنطقية أو الخارجة عن السياق التي تتصف بها السياسة الأميركية وتباين تصريحات المسؤولين في الإدارة، الأمر الذي انعكس على مواقف وتقديرات وتحليلات المحللين السياسيين.
غوردن دوف.. الكاتب في صحيفة فيترانس تودي قال: إنّ السياسة الأميركية تجاه داعش يصعب تفسيرها، بينما وُقّعت اتفاقيات وخُصصت الأموال لتدريب "المعارضة المعتدلة" لكي تقاتل داعش فقط، فإنّ قادة أميركيين آخرين يواصلون تدريبهم لداعش نفسه وينفقون الأموال عليه بهدف تقويته، ويضيف الكاتب الأميركي نفسه قائلاً في الوقت الذي تجتمع فيه القيادة المركزية الأميركية علناً في تركيا فإنّ قيادة العمليات الخاصة والتي أسماها "بالخفية" انتهت من تدريب "3000" داعشي تابعين لها..
كل المؤشرات تشير إلى أنّ مستوى أداء داعش وإمكاناته المالية والعسكرية والتدريب العالي الذي اكتسبه إنما تم اكتسابه في معسكرات الأردن ومنذ أكثر من ثلاث سنوات وأنّه تم تزويد المجموعات المدربة بقوات خاصة من النخبة، وهناك تقارير تتحدث بوضوح عن أنّ قدرات داعش مرتبطة بمعسكرات التدريب والمقامة على أرض الأردن "الشقيق" وتحت إشراف كبار المدربين الأميركيين والأردنيين وكلاهما مدرسة واحدة، السيد والعبد ينفذان إستراتيجية واحدة على مرمى حجر من إسرائيل المستفيد الأول والأخير من استهداف سورية ومن تمرير شظايا المشروع الصهيوأميركي في المنطقة ومن الاستفادة القصوى وتثمير الفوضى الخلّاقة التي نسفت مرتكزات الوطن العربي ومسلمات العمل العربي وأبجديات الحفاظ على الكيان القومي للأمة العربية.
ما بات يعتقده الكثيرون من صنّاع الرأي العام الأميركي أنّ أميركا غير جادة في محاربة داعش وأنّها تقوم بضربات تشبه المداعبات من الجو فيما تقدم المساعدات على الأرض، وهذا ما يفسر القرار الأميركي بعدم زج قوات برية على الأرض لأنّها في مثل هذه الحالة تواجه نفسها بنفسها وأنّها إن فعلت فهي ستقوم بهذا الدور عن بعد فيما تزج الأطراف المحلية للمواجهة ودفع الثمن بإستراتيجية تبقي على التنظيم الإرهابي من جهة، وتستنزف القوى الأخرى في إطار تفتيت المنطقة وتقسيمها إثنياً وجغرافياً، وإضعافها إلى الحد الذي تستطيع فيه إسرائيل بسط هيمنتها وسيطرتها على المنطقة العربية وخصوصاً دول محور المقاومة وتحديداً سورية.
الخطوة الرعناء التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لحظر وقود الطيران في سورية تعتبر دليلاً حاسماً ومباشراً على أنّ أوروبا أيضاً لا تريد القضاء على داعش، وأنّها بقرارها هذا إنما توفر للإرهابيين نوعاً من الحماية من جهة، وأن تترك مصيرهم رهناً بإستراتيجية أوباما البعيدة المدى للقضاء على داعش مع أنّه ليس في وارد هذا الشعار نهائياً من جهة أخرى بما يعني أنّ دواعش الشرق وأهدافهم لا يختلفون كثيراً عن دواعش الغرب وطريقة تفكيرهم وتحديد مصالحهم المشتركة ولكلٍّ أسلوبه في التنفيذ..