دمشق والقاهرة .. لغة الحضارة العريقة أقوى من لغة براميل النفط

دمشق والقاهرة .. لغة الحضارة العريقة أقوى من لغة براميل النفط

تحليل وآراء

الخميس، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤

لعلّ لغة التاريخ العريق والحضارات القديمة أبقى وأقوى من لغة المال وبراميل النفط ، كل الأبراج العالية وسيارات الكابريس الأمريكية لن تكفي البعض لتحويل أنفسهم إلى دول بحجم حضارات لها من العمر آلاف السنين.

دمشق والقاهرة ركيزتا الحضارة المشرقية إلى العالم، عاشتا جفاءً فرضته سخرية القدر بوصول الأخوان إلى الحكم، سقط مرسي وعادت المحروسة لأهلها، صحيح أن السيسي لم يتقدم خطوةً واحدة صوب دمشق، لكنه لم يعاديها في ذات الوقت.

في خضم الحديث عن عاصمتي المشرق، تفاجأ الرأي العام العربي بخبر مفاده أن وفداً سورياً وصل القاهرة تلبيةً لدعوة الأكاديمية البحرية المصرية في الاسكندرية، يرأس الوفد السوري مدير الأكاديمية البحرية "عماد الأسد".

باب التساؤلات والتحليلات فُتح على مصراعيه، ما بين معتبر لها بدايةً لتقارب وبين عدم مغالٍ في تحليلها لأبعد من أن تكون زيارة تعليمية ولا علاقة لها بالسياسة، فأي الرأيين أقرب للمنطق؟.

تقول التسريبات والمصادر الموجودة في مصر بأن الوفد السوري سيلتقي شخصيات استخباراتية وأخرى مقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، يدعم هؤلاء رأيهم هذا بصدور أصوات مصرية تطالب القاهرة التي تتواصل مع المعارضة بأن تتواصل مع الحكومة السورية أيضاً، لم لا ما دام قد يساعد ذلك على رعاية مصرية لحوار سوري ـ سوري.

المتشائمون أو الذين يعتبرون أنفسهم بعيدين عن الغلو في تحليل الخبر، يقولون بأن الزيارة على ما يبدو لن تعدو كونها زيارة تعليمية فقط ولن تكون مرتبطة بالسياسة أبداً، فالمصريون في غنى عن إغضاب السعوديين بسبب التمهيد للتواصل مع دمشق.

لكن في مناقشة ما ورد في الخبر يتبين أن الدعوة للوفد السوري صادرة عن مؤسسة مصرية رسمية تتبع للحكومة المصرية لا مؤسسة خاصة، بالتالي فإن قيام مؤسسة حكومية مصرية بدعوة مؤسسة حكومية سورية يعني أن القاهرة لا تتفق مع الرياض في مزاعمها بأن الحكومة السورية غير شرعية ، هذا لوحده موقف يمايز القاهرة عن الرياض في الملف السوري.

لن تكون هناك فرصة مواتية للسيسي وفريقه الحكومي من أجل جس نبض دمشق وإعادة فتح التواصل معها أكثر من هذه الفرصة، تبيان لوجهات النظر، تمهيد وترتيب للقاءات رسمية أخرى ترتفع تدريجياً حتى تصل إلى أعلى المستويات.

الحديث عن لقاء الوفد السوري بشخصيات أمنية وأخرى مقربة من السيسي لم يأت عن عبث، بل الأكيد أن المصريين سيستغلون فرصة وجود وفد سوري رسمي من أجل بحث عدة مسائل هامة، أولها ملف مكافحة الإرهاب، لا سيما وأن العاصمتين تستطيعان فعل الكثير في هذا المجال إن تم تعاونهما، هذه الزيارة ستكون زيارة جس النبض بامتياز، وبالتأكيد ستليها زيارات أخرى لوفود سورية تحت مسميات مختلفة، هي بالمحصلة زيارة استكشافية .