لنا القرار .. بقلم: سامر يحيى

لنا القرار .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ١٥ ديسمبر ٢٠١٤

هو الحديث المعتاد لدى الجميع، الفساد، الفشل الحكومي، تحميل المسؤولية للآخر دوماً، إنّه نقاش لا يكاد ينتهي في أي جلسة بين اثنين، وقد يكون هذان الاثنان في سدّة المسؤولية، أو المقرّبان من أصحاب القرار سواءً كان التنفيذي أم التشريعي أم حتى الفكري، وكم من انتهازي يتحدّث أكثر من أي شخص عن الوطنية والعمل الوطني أكثر بكثير من أي موظّف شريف، وحتى يكاد الموظّف الشريف أن يستحي على نفسه أمام تواضع وأناقة حديث وفصاحة هذا الانتهازي، نعم الجميع يحمّل الحكومة المسؤولية، ولكنّه عندما يلتقي بالمسؤول يبرّر له كل عمله، بل ويؤيده، فالنفاق هو الذي طفا على السطح، متجاهلين أنّ الصراحة الحقيقية، هي الصراحة التي تساهم بالبناء والنقد البناء، لا الهدم والنقد الهدّام، فهي ليست صراحة بل تشويه وتهجّم واتهام بلا إسناد، الأحكام التي نطلقها على شخصٍ لمجرّد أنّه في هذا المكان أو ذاك، متناسين أننا بشر، وأنّ كلاً منا لديه سلبيات ولديه إيجابيات، ولديه واقع يعيش به وإمكانات متوافرة بين يديه، ولديه أفكار قد يرغب بتحقيقها ولا يستطيع، والبعض يأخذ القرار ولكن بظروف خطأ أو نتيجة معطيات خطأ، فالقرار يحتاج معطيات صحيحة، وأرضية صحيحة، وأن يتخّذ بما يناسب الظرف الموجود به هذا القرار مستشرفاً من خلاله المستقبل... ودور كل منا إخراج هذه الإيجابيات من هذا الشخص وتشجيعها، وليس تشجيع السلبيات واستمرار إحباط الهمم، فالبيئة نحن من يساهم باستثمارها لصالحنا، بما يصب باستكمال بناء الوطن، سواء كان مواطناً قدّر له أن يتسلّم منصباً عاماً، أو مسؤولية، أو مواطناً يصارع الحياة من أجل البقاء والعيش بكرامة بالحد الأدنى المتوفّر له من المال والغذاء والدواء....
نعم دور كلّ منا البحث عن الحلول التي تنقذنا لا الاستمرار بانتقاد الآخر، كل ضمن إمكاناته، ووضع الآراء والأفكار وتجميعها ونقاشها من قبل مجموعات ولو كانت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبدلاً من التنظير والتهويل والتضخيم والتقليل، ورفع المعنويات وتثبيط الهمم، وإلقاء السباب والشتائم وكيل المديح والإطراء الزائد، العمل على تحويل صفحات التواصل الاجتماعي إلى محاور نقاش جادٍ وفعال، وحتى الأشخاص الذين ملّوا من الفيسبوك ويحمّلون التعامل على الصفحات بالسلبي ويتركونه أو يريدون تركه، مع احترامي لبعضهم وأقدّرهم، فهذا خطأ يقومون به، لأنّ دورهم هو إغناء صفحات التواصل الاجتماعي، وجعلها بناءة وإحدى أدوات صناعة الفكر الجديد والرأي العام، وتثقيف فئة واسعة من أبناء المجتمع واستقطابها للعمل الوطني، بتحويل هذه المنابر للتواصل والبناء والتطوير والتفكير، وليس التهرب وإفساح المجال للمنظرين فهذا الفضاء الواسع من أجل نشر ثقافة الفكر الواعي والمتقدّم والحر، بدلاً من إفساح المجال "للمتحللّين" السياسيين والأخلاقيين، للكتابة والحديث بالوطنية، وهم يرزحون تحت ذل العبودية للمستعمر، متهّمين أبناء الوطن بالخيانة والعبودية لأبناء الوطن، ويتآمرون على تشويه سمعة الوطن تحت أسماء وطنية، وصور وشعارات وطنية، فليس دورنا التهرّب منهم، بل متابعتهم وتحجيم دورهم بالاعتماد على دورنا البناء، وعملنا الإنساني والكتابي المقنع الحقيقي النابع من ضمير ووعي كل مواطن عربي سوري، متحدّين كل وسائل إعلام الكيان الصهيوني الناطق بالعربية، والذي سيضطر للتحوّل يوماً بعد تخلّي مموليه عنه أو تحوّل خط سيرهم ... فليبدأ كلّ منا بنفسه، لا يتّهم الآخر، سواءً كان مسؤولاً أياً كان هذا المسؤول، علينا الاستقصاء عن أسباب النجاح، وإبداع الأفكار التي تصحّح من الخطأ، وبدلا ًمن اتهام هذا المسؤول أو ذاك بالتقصير والسرقة والنهب، التفضل للالتحاق بخدمة العلم، أو خدمة الوطن عبر القيام بدوره سواء المادي لمساعدة أبناء وطنه، أو المعنوي بالسعي لدى مواطني الدولة المقيم بها، لكسب الرأي العام لصالح سوريتنا ومواقفها الوطنية الصائبة، فلا يمكن للغربي أن يفكّر بحريتنا وإلا لقدّم لنا استثمارات ورفع عنا الحصار المفروض من بعض دوله منذ منتصف الثمانينات، وهناك أفكار كثيرة يمكن العمل عليها والبناء بها فقط لو أفسحنا المجال للبناء بدلاً من التنظير والاتهامات كل يتاح له الظروف ضمن إمكاناته وموقعه وظروفه...
نعم إنّنا أحوج ما نكون لفتح صفحات جديدة، ونبدأ من جديد ونستعد لكي يكون العام 2015، عاماً للعمل والنشاط، عاماً لطرح الأفكار والنقاش، عاماً للحديث عن البناء والتطوير والترفّع عن الاتهام للآخر أياً كان، فنحن ليس لدينا فائدة من مجرّد الحديث على الأقل أثبتت الفترة الماضية بأنّ أسلوبنا لم يجد نفعاً، إذاً ما دمنا نعمل في فضاء مفتوح، لمَ لا نقوم بالعمل الجاد والبنّاء، والنقاش الحقيقي بعيداً عن الاتهامات، فهذا المسؤول مازال في مكانه وفي منصبه، فليس دورنا رمي التهم عليه واتهامه بالفساد، فكلّنا بات يعرف أنّ هناك مسؤولاً فاسداً، وأنّ هناك ابن مسؤول فاسد، ولكن بنفس الوقت يوجد هناك مسؤول شريف وابن مسؤول شريف، فالأسرة الواحدة ليست متّفقة على رأي أو أسلوب عمل واحد، لكي تكون الحكومة منسجمة بالتأكيد لا نبرّر ذلك، لأنّ المفترض بالحكومة أن تكون منسجمة متعاونة متفاهمة للخروج بقرارات إيجابية تصب بمصلحة الشعب التي هي مصلحة الوطن، منطلقةً من الماضي مستفيدةً من إيجابياته ومتفادية سلبياته مستكملةً نواقصه، انطلاقاً من الواقع الراهن والإمكانيات المتاحة، للوصول للمستقبل المزدهر ببناء الوطن وتحقيق أمنه واستقراره وازدهاره، فليقم كل منا من دون استثناء بالبدء ببناء البلد والنهوض به من أجل تحقيق الأمور الإيجابية، نعم سورية هي المجد الخالد فلا يبخل أحد منا بالتعاون مع أخيه مادام لخدمة الوطن، وبدلاً من اتهامه وتشويه سمعته إيجاد الأفكار والمقترحات والحلول للبناء..
نعم إنّ أهم فكرة الآن التي يجب تناولها وطرحها، هي كيفية استقطاب الاستثمارات التي تصب بمصلحة الوطن وأبنائه وتحرّك عجلة الإنتاج وتؤمن احتياجات المواطن، والبدء بإعادة إعمار البلد، واستثمار طاقات الشباب وعقولهم وإبداعاتهم، واستثمار رؤوس أموال رجال الأعمال، بتشغيل الشباب وامتصاص البطالة، وبالتالي تحريك عملية الإنتاج، فليست مسؤولية الحكومة تأمين وظائف وعمل لكل مواطن، ولكن بالتأكيد مسؤوليتها التعاون مع كل مواطن لإيجاد فرص عمل في القطاع العام والخاص والمشترك، والعمل على إيجاد الاستثمارات الأكثر إيجابية ونجاعة، ضمن الظروف المتاحة وما أكثرها، بدءاً من استغلال المساحات في المناطق الآمنة، وتتسع الدائرة لكي نكون يداً بيد بين الجيش العربي السوري الذي يطّهر سورية من رجس الإرهاب، وبين أبناء الوطن الذين يعودون لرشدهم لإعادة بناء بلدهم، وبين كل مواطن عربي سوري للانتقال بسورية إلى مرحلة البناء والتطوير.
لنا القرار وبيدنا القرار، بيد كل منا دون استثناء، سوريتنا بحاجة جهد كل منا، وبحاجة دور كل مواطنٍ عربي شريف، فنحن أبناء الوطن، ونحن الوطن... والوطن نحن، فلا كرامة لمواطن بلا كرامة وطنه، ولا العكس..