الأخضر..بقلم: سمير عربش

الأخضر..بقلم: سمير عربش

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢ ديسمبر ٢٠١٤

ولا أقصد الأخضر الإبراهيمي الذي حاول تجديد شبابه السياسي، فارتدى ثوباً فضفاضاً، وجال به على العديد من العواصم متقناً فن الوقوف أمام الأضواء، لكنه لم يتقن الوقوف في ميدان السياسة النزيه.. ففشل وانكفأ إلى ماضيه، متجاهلاً أنّ النزاهة كنز لا يفنى.
ما أقصد أولاً.. هو ذياك اللون الذي يوشح الطبيعة الغناء، بسهولها ومراعيها ووديانها وغاباتها وجبالها، والذي كان يأخذنا إلى حالات من الفرح والراحة والطمأنينة والسكينة، كلما ارتمينا في أحضانها، لكننا اليوم افترقنا عن هذه الطبيعة التي عرفنا، بإرادتنا أو بالإكراه والقسر، فلم يعد على مرآنا سوى الأشجار والورود المتناثرة في بيوت دمشق وحدائقها، وكأنها تعزينا عما فقدنا من تلك الحالات.. لكم حنونة أنت يا دمشقنا.
ما أقصد ثانياً، وهنا بيت القصيد، ذلك اللون الأخضر الذي أطلق على الدولار كصفة لازمته ولازمها منذ عقود طويلة وحتى الآن، لدرجة أنّ تجار العملة الصعبة كانوا يسألون بعضهم البعض عن سعر المصرف – عبر الهاتف- بقولهم: كم الأخضر اليوم، وذلك هرباً من رقابة عيون وآذان المخابرات، وفي بعض الأحيان كانوا يستخدمون مصطلح الخس أو البقدونس.
ما أقصد ثالثاً.. هو أنّ هذا الأخضر أعمى بصر وبصيرة الكثيرين ممن سقطوا تحت سلطانه، وسجدوا لإغراءاته، فكان.. المرتزقة والقاعديون والداعشيون وغيرهم من "جبهات".. ملطخة بكل ما هو مضاد لقيم الدين والأخلاق، وجميعهم ما عادوا على معرفة إلا بحمل السلاح والقتل والذبح والجلد، ويا أيّها الغرب زدنا وزودنا بدولاراتك المنهوبة أصلاً من عربان الخليج بكل طيبة خاطر.
هؤلاء القتلة يختلفون عن حفنة من سياسي لبنان الجار والشقيق شاؤوا أم أبوا. إنهم سياسيو آخر زمان، وما هذا الزمن إلا زمن العهر والنفاق، حيث تراهم في سوق النخاسة يبيعون ضمائرهم وشرفهم بذاك الدولار الأخضر، وهكذا تراهم يتسابقون على الشتم والافتراء وبث السموم من لاهاي إلى بيروت، ويا حزني عليك أيتها البيروت الأميرة من قوادي سياسة العهر، بدءاً من سعد الحريري، ومروان حمادي وجنبلاط، إلى جعجع والضاهر وفتفت، وكم عتبي كبير على الرئيس لحود الذي هدد بفتفتته ويا ليته فعل، على أية حال، لكل قصة نهاية ولكل هؤلاء المرتزقة نهايات وخيمة.
وحتى لا نختم بأجواء مزعجة حقاً، نستذكر تلك الواقعة التي انتشرت كواقعة فعلاً أو من باب الترفيه، والتي مفادها أنّ مواطناً وقف أمام بائع خضار وكان فلاحاً بسيطاً، فسأله عن سعر ضمة البقدونس، فذكر له سعراً عالياً، وعندما استغرب الشاري، قال الفلاح: يا أخي ألم تسمع بارتفاع سعر الدولار.. قال الشاري ثانية: وما علاقة ذلك بالبقدونس، فإذا بالفلاح يسرع إلى القول: سيدي هذا أخضر وذاك أخضر..