هل ستنهار أميركا حقاً كما إنهارت الإمبراطورية الرومانية؟

هل ستنهار أميركا حقاً كما إنهارت الإمبراطورية الرومانية؟

تحليل وآراء

السبت، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

في يوم 15 نوفمبر، تحدث الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في جامعة كوينزلاند في أستراليا، عن موقعنا الحالي في التاريخ، قائلًا: “كثيرًا ما أقول للشباب في أمريكا إنه، وحتى مع تحديات اليوم، هذا هو أفضل وقت في التاريخ لنكون فيه على قيد الحياة” ومن ثم، تلا خطاب أوباما ذاك خطاب آخر من قبل وزير الدفاع المقال حديثًا، تشاك هيغل، شرح فيه الأخير كيف سيحتاج الجيش الأمريكي لإصلاح نفسه للحفاظ على هذا المكان في التاريخ.

وبعد أسابيع من كلا الخطابين، كانت هذه الكلمات قد نسيت من قبل الكثيرين، ولكن ليس من قبل كوريا الشمالية.

ففي تعليق جديد نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية التي تديرها الدولة، الثلاثاء، وصفت هذه الخطب بأنها “صرخة الفقراء الذين يواجهون الخراب”، وبأنها أيضًا “اعتراف بالواقع المظلم في الولايات المتحدة، وانعكاس لعدم الارتياح والرعب الذي وصل إلى أقصى حدوده”.

وكما وصفتها وكالة الأنباء المركزية الكورية أيضًا، تذكر هذه الخطب “بالإمبراطورية الرومانية القديمة التي دفنت في التاريخ بعد مواجهة الخراب الناتج عن الطمع بتحقيق الازدهار من خلال العدوان والحروب”، وأضافت الوكالة: “إن المصير البائس للولايات المتحدة، والمماثل لانهيار الإمبراطورية الرومانية، هو نتيجة لتاريخها من العدوان والممارسات التعسفية“.

وليس من الغريب على كوريا الشمالية، بطبيعة الحال، أن تقوم بإلقاء الأمريكيين بالشتائم المبتكرة. ففي عام 2009، ذكرت الوكالة نفسها أن مسؤولًا من كوريا الشمالية وصف هيلاري كلينتون بـ”السيدة المضحكة، والغير ذكية بأي شكل من الأشكال”.

وفقط في وقت سابق من هذا العام، وفي ضوء تقرير للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، أصدرت البلاد تقريرها الخاص حول حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، والذي خلص إلى نتيجة مفادها أن الولايات المتحدة “جحيم لا يطاق”.

لكن، ورغم ذلك، تبقى المقارنة بين الولايات المتحدة والإمبراطورية الرومانية غير عادية قليلًا. حيث إن الدعاية الكورية الشمالية نادرًا ما تخرج من إطار الأساطير الخاصة بها للتفكير بتاريخ دول أخرى، ناهيك عن تلك الإمبراطوريات التي انتهت منذ آلاف السنين. وقال المنشقون عن كوريا الشمالية إن “هناك مادة تعليمية تسمى “التاريخ العام للعالم” في المدارس، ولكنها تركز فقط على أحداث القرن العشرين”.

ومقارنة الولايات المتحدة بالإمبراطورية الرومانية ليست أمرًا جديدًا، حيث إنها كانت موجودة منذ عشرات السنين، إن لم يكن منذ وقت أطول بكثير. وقد كتب كولين ميرفي في كتابه الصادر عام 2008 بعنوان “هل نحن روما؟”، أن عيون الأمريكيين وضعت على روما القديمة منذ ما قبل الثورة.

وأشار ميرفي إلى أن “معظم التلميحات عن التشابه بين أمريكا وروما تتجاهل تعقيد التاريخ الفعلي، حيث إن بعض المؤرخين يقولون إن روما لم تسقط حقًا، واعتمادًا على من يتحدث، تم استخدام روما بمثابة إما حكاية تحذيرية قاتمة، أو دعوة ملهمة للعمل، بالنسبة لأمريكا”.

وفي السنوات الأخيرة، ومع تعرض أمريكا للدمار نتيجة الانقسامات السياسية الداخلية، وعدم اليقين الاقتصادي، والأعداء بجميع أنواعهم وفي جميع أنحاء العالم، يبدو أن الخيار السابق قد أصبح أكثر شعبية، وخاصةً بين المنافسين الجيوسياسيين للولايات المتحدة.

وبالنسبة لتلك القوى العالمية الصاعدة، يبدو أن مثل هذه الأخبار جيدة. حيث كلفت الصين هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية CCTV بإنتاج مسلسل تلفزيوني ضخم بعنوان “صعود القوى العظمى”، قبل بضع سنوات، والذي أعلن بشكل مباشر عن نهاية أمريكا.

ويأخذ تعليق وكالة الأنباء المركزية لكوريا الشمالية زاوية أكثر قتامة، حيث يقول: “تعيش الولايات المتحدة الآن في ارتباك، بينما بدأ نظامها في الهيمنة أحادية القطب، والذي تسميه النظام العالمي، بالخروج عن نطاق السيطرة“.

ويضيف التقرير ملاحظًا المشاكل في أوكرانيا والشرق الأوسط: ” العضلات العسكرية، وقوة الدولار، التي تستند إليها تحركات واشنطن للهيمنة على العالم، تغرق بسرعة الآن. الولايات المتحدة تعيش أصعب وقت في تاريخها“.

ويثير هذا التقييم القاتم سؤالًا جوهريًا آخر، هو: إذا ما كانت الولايات المتحدة هي الإمبراطورية الرومانية، فمن هي كوريا الشمالية؟

وفقًا لجيمس روم، وهو أستاذ الكلاسيكيات في جامعة بار، المملكة الناسكة (أو كوريا الشمالية) هي من يشبه حقًا الإمبراطورية الرومانية. حيث كتب روم لصحيفة لوس أنجلوس تايمز في وقت سابق من هذا العام: “خلال قرن أو نحو ذلك بعد اغتيال قيصر، فرض خلفائه نفسهم كقوة مطلقة، بحيث كانوا يعبدون كآلهة على الأرض، وهو نفس ما تفعله عائلة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية اليوم“، وأضاف: “ومع ذلك، فإنهم، ومرة أخرى مثل كيم، عانوا من انعدام الأمن المزمن حول شرعيتهم، وأدى ذلك الخوف لارتكابهم الانتهاكات الفظيعة“.