التحالف الاستراتيجي السعودي الاسرائيلي منذ القدم.. بقلم: حسين الديراني

التحالف الاستراتيجي السعودي الاسرائيلي منذ القدم.. بقلم: حسين الديراني

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٤

بينما كان العالم كله منشغلاً الاسبوع الماضي فيما ستؤول اليه نتائج مفوضات الملف النووي الايراني في العاصمة النمساوية ” فيينا ” بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والدول الكبرى الست, روسيا, الصين , بريطانيا, المانيا, فرنسا والولايات المتحدة الامريكية التي تقود المفوضات والضغوطات على ايران, لما لهذه المفوضات من تاثير على الخارطة السياسية العالمية إقتصادياً وأمنياً وعسكرياً فيما لو تم الاتفاق والتسوية الكاملة والتوقيع عليها.
دويلتان او أكثر من المتضررين من نتيجة المباحثات إستنفروا كل قواهم المالية والسياسية للتشويش وعرقلة المفاوضات, وهذا ما حصل, إنتهت المفاوضات دون الاعلان عن تسوية نهائية, وتم الاعلان عن مواصلة المفاوضات الى الاول من يوليو 2015, هذا ما أكده وزير الخارجية الامريكية جون كيري. ولم تفض تلك المباحثات سوى الافراج عن 700 مليون دولار شهرياً من الارصدة الايرانية المجمدة.
الدويلتان الاكثر تضرراً من الاتفاق النهائي السعودية وإسرائيل, ولكل منهما هواجسهما المبنية على العداء للجمهورية الاسلامية الايرانية.
دويلة إسرائيل نستطيع أن نفهم سر عدائها للجمهورية الاسلامية الايرانية لاسباب عدة.
أولا :غلق سفارتها وتحويلها الى سفارة لدولة فلسطين منذ إنتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الراحل روح الله الموسوي الخميني ” قدس سره ”
ثانيا : دعم الجمهورية الاسلامية المطلق لجميع فصائل وحركات المقاومة ضد إسرائيل, وبسبب هذا الدعم تحققت الانتصارات على هذا العدو ودحره من جنوب لبنان عام 2000 وهزيمته الكبرى عام 2006 في لبنان, والانتصار عليه في صد عدوانه المتكرر على قطاع غزة.
ثالثاً : الدعم الايراني لسوريا الذي مكنها من الصمود والانتصار في مواجهة حرب إرهابية عالمية إشترك بها 88 دولة على رأسهم الكيان الصهيوني وإفشال المؤامرة والحلم الصهيوني في تدمير سوريا والمقاومة.
رابعاً : الخشية من التفوق العسكري الايراني الذي يجعل من إسرائيل تعيش القلق والرعب على وجودها, وهذا ما حصل, حيث باتت الجمهورية الاسلامية قادرة على تدمير إسرائيل في حال فكرت وتجرأت بالعدوان على ايران.
خامساً : الخوف الشديد من الجبهة الشمالية, والاعلان عن إمتلاك حزب الله لصواريخ ” فاتح ” المدمرة جاء خلال المباحثات في فيينا, وهناك إسباب أخرى لعدائها للجمهورية الاسلامية الايرانية.
لكن ما لا نستطيع فهمه هو سر العداء الذي تكنه السعودية لايران إلا إذا ربطناه بالتحالف الاستراتيجي بين السعودية وإسرائيل منذ القدم.
السعودية لم تدع فرصة للقضاء على الجمهورية الاسلامية منذ إنتصار الثورة الاسلامية إلا وإستخدمتها للحفاظ على مصالح امريكا والكيان الصهيوني بالدرجة الاولى ثم مصالحها بالدرجة الثانية, ثماني سنوات من العدوان الصدامي على ايران كانت بتمويل سعودي, دعم حركة طالبان لتكون شوكة في خاصرة ايران, وأخر حرب دموية شاركت بها السعودية ضد ايران بصورة غير مباشرة ولكن عبر الحرب على حليفتها الاستراتجية سوريا والمقاومة بكل قوتها العسكرية والمالية والاستخبارتية والاعلامية, لانها أعجز من ان تتجرأ بشن حرب مباشرة على ايران, 36 سنة منذ إنتصار الثورة الاسلامية في ايران ويد ايران ممدوة لجارتها السعودية التي من المفترض ان تكون إسلامية, يقابلها 36 سنة من العداء والتحريض والمؤامرات يديرها ملوك وأمراء مرهونين للصهيونية العالمية بل متطوعين اوفياء.
4 سنوات من الحرب الكونية على سوريا كانت السعودية الرائدة في الدعم المادي والعسكري والاعلامي, والتحريض الطائفي والمذهبي.
عشر سنوات من الحرب الارهابية على الشعب العراقي كانت تخوضها الجماعات السياسية والدينية التي ترتبط بالسعودية.
قمع الثورة الشعبية السلمية في البحرين على ايدي القوات السعودية الغازية, شن الحروب على الحوثيين في اليمن ودعم القاعدة والجماعات الوهابية الارهابية.
دعم إسرائيل في كل الحروب العدوانية على سوريا ولبنان وفلسطين.
اسرائيل والسعودية يسيطران على الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية, ويستبيحان المعالم التارخية المقدسة.
فكل عدوان تشنه إسرائيل او السعودية تجد بينهما المصالح المشتركة بين الكيانيين الوهابي والصهيوني وهذا ما يعيدنا الى تاريخ ” ال سعود ”
حين أقر عبد العزير بمنح فلسطين الى ” اليهود ”
وهذا ما رد به عبد العزيز على ” السير برسي كوكس ” البريطاني حين طلب منه إعطاء فلسطين لليهود, اجاب قائلاً : نعم .. لاشك .. وإذا كان لإعترافي هذه الاهمية عندكم فأنا اعترف الف مرة بإعطاء اليهود وطنا في فلسطين أو غير فلسطين، وهذا حق وواقع .. وهنا دس عبد العزيز يده في جيبه ، واخرج ورقة صغيرة وكتب السلطان بخط يده يقول: (انا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود اقر واعترف للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى ، لا مانع عندي من اعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما ترى بريطانيا التي لا اخرج عن رأيها حتّى تصيح الساعة)! .. وصياح الساعة معناه : قيام الساعة أي القيامة.
كل هذه المشتركات بين السعودية وإسرائيل جعلت العلاقات بين البلدين علنية لا تخف على احد, وهذا ما جعل رئيس وزارء الكيان الصهيوني بنيامن نتنياهو يقول : إن تل ابيت والرياض متضررتان من اي إتفاقية نووية مع ايران, ويطالبان بتشديد العقوبات على ايران وحرمانها من الاستفادة من الطاقة النووية.
لكن ايران حددت أهدافها ولن تتخلى عن حقوقها المشروعة, وجاء رد قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي على نتائج المفوضات قائلاً : امريكا والدول الاوروبية أجتمعوا وعملوا كل ما بوسعهم لإركاع ايران في الموضوع النووي لكنهم عجزوا وسيعجزون عم ذلك.
فهرولة السعودية بإرسال وزير خارجيتها سعود الفيصل المصاب بداء ” الهزهزة ” الى روسيا وفرنسا وفيينا مكان إنعقاد الاجتماع للضغط على الدول الكبرى من خلال اموالها لعدم توقيع الاتفاق النهائي لم يجد نفعاً سوى تأجيل التسوية النهائية لاشهر معدودة بعد الضغط الفرنسي المصروف من البنك السعودي, فالسعودية ما هي إلا بقرة حلوب تساق الى الملحمة بعد جفاف ثدييها.
أما إسرائيل التي تعمل كل الدول على الحفاظ على امنها لا تحتاج عناء كبير للضغط على أمريكا فهي تنظر الى مصالح الدولة الصهيونية قبل ان تنظر الى مصلحة الشعب الامريكي.
عاجلاً ام أجلاً سيتم الاتفاق ويوقع عليه وتسود وجوه تلك الدويلتين مع كثير من الدول التي لم نأت على ذكرها كتركيا السلجوقية العثمانية, وقطر الاخونجية وغيرهما من الدول الارقام على الخارطة العالمية, عندها ستزداد ايران قوة وإقتداراً ينعم به حلف المقاومة الممتد من ايران الى العراق الى سوريا ولبنان وفلسطين مروراً باليمن.