المعلم إلى موسكو.. مبادرات للحل

المعلم إلى موسكو.. مبادرات للحل

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٤

 منذ ثلاثة عقود غاب الثقل الإستراتيجي الروسي عن المسرح الدولي، فاختل توازن العالم وجمحت أميركا مدفوعة بعدوانيتها ونياتها الاستعمارية للسيطرة على مواطن الثروة ومراكز التميز الإستراتيجي العالمي مستبيحة كل شيء في سبيل تحقيق أطماعها الاستعمارية.
وفجأة أيضاً بدأ يتغير كل شيء بعد إخفاق العدوان على سورية، وتحركت روسيا لاستعادة موقعها الإستراتيجي على خريطة العالم ولإرساء معادلات جديدة في العلاقات الدولية تناقض ما تريده أميركا وتؤكد وجوب استعادة التوازن الدولي، وقفت روسيا إلى جانب سورية في دفاعها المشروع عن النفس وردت دول الاستعمار الغربي على الموقف الروسي بشتى أنواع الضغوط والاستفزاز مؤملة تراجع روسيا عن موقفها الأخلاقي العادل إلى جانب الحق السوري وساعية للحؤول دون إعادة التوازن في العلاقات الدولية.
لكن المسعى الروسي المذكور أقلق أميركا وأثار لديها المخاوف من مشهد دولي تجد فيه روسيا ندا لها يقيد حركتها، لذا نجد كيف أن أميركا في الوقت الذي كانت تضغط فيه وتبتز روسيا.. كانت تحاول أن تلقي جزرة لها لكن روسيا الحذرة والفطنة لم تؤخذ بمعسول الكلام، ولم تغير إستراتيجيتها التي تعول عليها لإقامة التوازن الدولي، فبوتين على حد قول الخبراء والمحللين الأميركيين يعرف كيف يرد ساخرا من تلك المحاولات الأميركية، وهذا ما يبعث على الطمأنينة لدى أصدقاء روسيا.
ولذلك نجد أنه مع تزايد الصمود والإنجاز السوري في معركة الدفاع عن النفس، كانت تتزايد الضغوط على روسيا ولكن ذلك كان يزيد من صلابة المواجهة الروسية، ما جعل سورية أكثر قناعة بأن روسيا لن تخضع لضغط أو ابتزاز ولن تكون إلا إلى جانب الحق السوري المشروع في الدفاع عن النفس. موقف أكدته سورية بكل وضوح ومن رأس الهرم في الدولة حيث عدَّ الرئيس بشار الأسد وخلال استقباله وفدا برلمانيا روسيا مؤخراً عن تقديره للمواقف الروسية تلك واطمئنانه لثباتها.
طمأنينة لها ما يبررها ويؤكد عليها من أكثر من جهة، وخاصة أن صانع القرار في موسكو يؤكد يوماً بعد يوم أنه معنيّ بالدفاع عن سورية، ولن يكتفي في مرحلة التراجع الأميركي بحصة افتراضية في واقع افتراضي يراد أن يتحقق أميركيا في الساحة السورية بل إنه يعمل ليكون الميدان السوري المدخل الآمن والصحيح لإقامة النظام العالمي المتوازن المتعدد القطبية، النظام الذي لا تستأثر فيه أميركا بقرار العالم.
سورية تثق بصدق الموقف الروسي.. كما أنها تدرك مدى عمق المصالح التي تجمع البلدين اليوم كما جمعتهما في العقود السابقة وبهذه الثقة والإدراك يذهب وزير الخارجية السوري إلى موسكو للبحث في مخارج تضع حدا للأزمة التي اختلقها الخارج في سورية، في زيارة صديق لصديق موثوق حيث لا تقتصر المباحثات فيها على الأزمة وتقلباتها وما يتصل بها من مشاريع، بل لتعزيز العلاقات الثنائية بما يعزز قوة سورية في دفاعها وقوة روسيا في سعيها لإعادة التوازن في العلاقات الدولية. توازن بات المخرج والسبيل لخروج العالم من مآسيه التي أنتجتها سياسة الاستفراد الأميركية.