فيينا بوابة المفاوضات ودمشق بوابة التاريخ

فيينا بوابة المفاوضات ودمشق بوابة التاريخ

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ نوفمبر ٢٠١٤

غادر وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس فيينا تاركاً لزملائه الأوروبيين أمر وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية. وعاد إلى فرنسا فاسحاً في المجال لكمٍ من التأويلات ولمثله من التأوهات السياسية ومفسحاً لنفسه في المجال لتبرير الهزائم المتتالية في مختلف الملفات الأساسية التي فشلت، من أوكرانيا إلى ليبيا مرورا بسورية ومصر واليمن.
الاتفاق حول الملف النووي الإيراني بات جاهزاً للبصمه الفرنسية وتوقيع جميع الأطراف، هو ملف متفجر ومتعدد الجوانب واتفاقية تفتح في المجال لغيرها الكثير الكثير من الاتفاقيات التي ترسم ملامح نظام دولي جديد يلغي مفاعيل قنبلة هيروشيما كما أن اتفاقية فيينا تلغي اتفاقيات فرساي وتترك للعالم أن يفكر أكثر وبطريقة مختلفة.
والسلطان العثماني الجديد لم يستطع أن يدق أبواب فيينا فلم تحظ طورانيته بأي مكسب في اتفاقية صيغت على أنقاض إخفاقه في تنفيذ وعده التلمودي.
في هذا الوقت يسعى آل سعود لمصالحة سورية والسوريين بعد بحر الدماء التي سالت على تراب الشام وتؤكد المصادر الروسية أن سعود الفيصل قد طلب من وزير خارجية روسيا السعي لمصالحة عائلته مع سورية وان الطلب نفسه تقدم به ملك السعوديين إلى الرئيس المصري دون أن يتلقى جوابا واضحاً لكن يبدو أن هذا الأمر يتطلب زمناً طويلاً وتنازلات مؤلمة خاصة أن الأجواء ليست أجواء تفاوض مع الوكلاء في ظل وجود الأصلاء، كما يقول الروس.
كذلك الأمر بالنسبة لمصر التي تسعى لاستعادة دور إقليمي أعطي لها فإنها ليست مستعدة للمغامرة مرة أخرى باللعب في النار السورية.
(عزلة الخليجيين الجماعية) لا تضر إطلاقاً بالمصالح الأميركية لذا لم يبد كيري أي حماسة لطرح موضوعهم مع لافروف أو غيره ولا حتى مع وزير الخارجية الإيراني فهو يعرف أن ليس في مخططات إيران أي عمل عدائي ضد دول غرب الخليج ويعرف أن تصعيد الدعاية ضد إيران إنما من صنع مختبراته الفكرية والإعلامية وما ألسنة السعوديين إلا أبواق.
من هنا يبدو أن اتفاقية فيينا، مهما كانت بنودها ولغتها والتفسيرات الإعلامية والدعائية من الأطراف المعنية فيها، ليست سوى بوابة للدخول إلى المستقبل خاصة مستقبل الشرق وهو أمر متروك بمجمله لهم ضمن قواعد ومعايير، كانت مطلبا شعبيا في سورية وامتداداتها الطبيعية والحيوية وأعماقها الإستراتيجية، ولو بصوت خافت، وهي التعامل باحترام ودون أي ضغوط مادية وأيديولوجية ودينية مذهبية وطائفية مع السوريين واسترجاع ما استقدموه إلى أراضيها من مخلوقات وأيديولوجيات ظلامية وكائنات وكيانات، من البحر الأبيض إلى قوس الصحراء من البحر الأحمر إلى طوروس والبختياري.
إذاك تبنى العدالة التاريخية لكل أبناء سورية ولن يكون هناك حاجة لدعم وتأجيج الصراعات الاثنية التي ستجد في أرضها دولة حاضنة ومصاهرة لا أنظمة قاهرة وطاردة وفئات وأطيافاً تبحلق عن هوية في غرف الغرب السوداء أو خيام الصحراء.
أما لماذا فيينا هي البوابة طالما أن دمشق هي بوابة الشرق؟ فالعالمون في الأمر يعرفون أن عناصر التفاوض مع دمشق لا تكتمل إلا بسحب آخر عنصر من الذين استقدمهم آل سعود وآل ثاني لتدمير سورية. إذاك يمكن أن نطلق على المفاوضات أي تعبير مناسب، محاكمات لِمَ لا؟ أوَليست شريعة حمورابي أم الشرائع؟!