دينار «داعش».. بقلم: سمير عطاالله

دينار «داعش».. بقلم: سمير عطاالله

تحليل وآراء

الجمعة، ٢١ نوفمبر ٢٠١٤

قرر القذافي في بدايات قيادته الحكيمة للمد القومي، القيام بحملة تعريب لكل اسم أعجمي، وخدمته في ذلك لغة عبقرية قابلة للاشتقاق، فصار التلفزيون تلفازا، لكنه ظن أن اسم بيجو هو «بيجون»، أو الحمامة، ففرض على السيارة المسكينة اسم الحمامة، دون تحديد النوع؛ يمام أم هدال أم زاجل أم محشي.
لم يخطر للقائد طوال 40 عاما، ولا للجان، ولا للمؤتمر الشعبي العام، أن التعريب الحقيقي هو في تعلّم صناعة السيارات أو الدراجات أو حبوب الأسبرين. وإذ بدأت «داعش» في صك عملتها، لم تعرف – مثل القائد – أن الدينار ليس كلمة عربية بل رومانية، وكذلك الدرهم، اليوناني الأصل، من دراخما.
سُئل نابليون: ما هي أهم شروط رابح الحرب؟ فقال ثلاثة: أولها المال، ثانيها المال، وأما ثالثها فهو المال. وسِرّ «داعش» الأول حتى الآن هو المال، أما ولعها بالذبح الفردي والجماعي وتصويره بالألوان، فهو من البدء ليس سرا، بل بالعكس، هو حضارتها الموعودة وفكرها الإنقاذي لانتشال الأمة من التخلّف والانحطاط. ولأن أسامة بن لادن قد شرح فلسفته في ضرب البرج التجاري بأن الهدف منها إلحاق الخسائر بالرأسمالية. هذا شبيه بترجمة «بيجو» إلى حمامة نائمة مثل هادلة أبو فراس الحمداني.
الذي كان يجهله بن لادن هو أن أسواق العالم تتداول نحو 5 تريليونات دولار في اليوم، وأن في كل دقيقة من كل ساعة من كل يوم، هناك عملية تجارية مالية ما حول العالم.
 القشور لا تبني أمما، وأقصى ما تبنيه هو المخافر. تريد «داعش» إعادتنا إلى صك الدينار في عصر تجاوز فيه اليوان الصيني الدولار بعدما ظل قرونا لا يصلح إلا لشراء الأفيون. وقد ظن الدكتور محمد مرسي أن النزول إلى الناس يكون بإحضار ساندويتشات الطعمية إلى القصر الجمهوري. لكن النتيجة الوحيدة لذلك كانت امتلاء القصر برائحة الفلافل والطرشي، وتعطلت أعمال الموظفين. خدمة الشعب تكون بتأمين الرغيف له في بيته لا بطلبات الطعمية إلى القصر.
كيف ستدخل عملة «داعش» اقتصادا عالميا يبلغ نحو 70 تريليون دولار في العام؟ ليس بذبح المساعدين الاجتماعيين ولا بجنود أسرى. آتوا البيوت من أبوابها. الباقي جرائم موصوفة.