المملكة العربية السعودية تلملم وتتدارك...

المملكة العربية السعودية تلملم وتتدارك...

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٨ نوفمبر ٢٠١٤

قمة الرياض أنهت الخلاف الخليجي مع قطر وبقرار سعودي اماراتي بحريني عاد السفراء الى قطر… تنتهي الخلافات وتنتهي معها ملفات عدة، هذا هو معنى الاتفاقات.
خروج قطر عن وحدة الصف الخليجي لطالما أزعج السعودية منذ ان تغيّرت الوقائع والاحداث في الشرق الاوسط الذي اجتاحه «الربيع العربي»، وحينها قرّر القطريون حجز مكانة إقليمية كبيرة لبلدهم كانت مكانة أكبر مما يمكن ان يحتويها بلد صغير ذو تاريخ حديث في خوض غمار لعبة السياسة الاقليمية.
لم تكن تعرف حينها قطر انّ علاقاتها مع إخواتها او جيرانها ستسوء كثيراً فسحبت السفراء وقطر لم تبال…
اشتعلت الحرب بين السعودية وحلفائها من جهة وقطر وحلفائها من جهة أخرى بين إعلام واتصالات وسياسة والاثنين حليف للأميركي بالسياسات العامة، وبين مصر والسعودية وقفت قطر تغرّد خارج القِطر الخليجي تحت الزعامة التركية، ليتعمّق الخلاف مع السعودية أكثر، وينتقل الى مقاعد مجلس الأمن في الأمم المتحدة فنجحت السعودية بمنع تركيا من حجز مقعد متقدّم في الأمم المتحدة.
خليجياً يلفت انّ إنهاء الخلاف مع قطر جاء مفاجئاً وهو اذا تزامن مع شيء فسيكون حتماً خطوة استباقية للقاء الاميركي الإيراني الأوروبي «النووي» في 24 الجاري، والذي يبدو هذه المرة أنه لوضع لمسة أخيرة وحاسمة.
تدرك السعودية جيداً انّ ايّ اتفاق غربي مع ايران ينعكس إيجاباً على مختلف ملفات المنطقة العالقة ويتوّج إيران دولة كبرى شريكة في كلّ الحلول المطروحة حول العراق وسورية واليمن والبحرين بشكل أساس، لانه يشكل بداية تطبيع للعلاقات الاميركية الايرانية كانت قد سبقتها رسائل من الرئيس الاميركي باراك اوباما الى مرشد الجمهورية الايرانية السيد علي خامنئي، وأكدتها الادارة الاميركية على لسان المتحدث باسم البيت الابيض.
صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية من جهتها كانت قد كشفت قبل الإعلان عن إنهاء هذا الخلاف أنّ تنظيم «داعش» وجبهة «النصرة» عقدا اتفاقاً يقضي بتوقفهما عن القتال في ما بينهما، وتوحيد صفوفهما في بعض مناطق شمال سورية، وذلك خلال اجتماع استغرق 4 ساعات في مدينة الأتارب غرب حلب، بتاريخ 2 شهر تشرين الثاني الجاري.
ومعروف ان الخلاف السعودي التركي القطري بشكل اساس ترجم ميدانياً بالدعم والتمويل للحركات الارهابية، وقد اشار ابو بكر البغدادي إلى هذا الأمر في رسالته الصوتية الأخيرة حين قال إن السعودية كانت احد الداعمين منذ البداية ثم توقفت، بالاضافة الى الضلوع التركي في تمرير الارهابيين باعتراف من الدولة رسمياً عبر فتحها معابر مؤخراً لمرور عناصر «الجيش الحرّ» وغيرهم ممن كانت الحدود التركية لهم مسرحاً للعبور الى سورية والعراق.
عودة العلاقات الديبلوماسية الرسمية بين قطر وأخواتها في دول الخليج هي عودة قطرية الى الوضع السابق وعودة عن مواقفها، وبالتالي اصبح من الممكن اعتبار انّ التوحد في وجه ايران ولملمة الحلفاء دليل واضح على انّ السعودية تستشعر خطرين كبيرين… الاول سياسي والثاني وجودي، وبالتالي فهي تسارع اليوم الى لملمة ما يمكن من أوراق وشدّ اواصر الصف الخليجي. فـ»داعش» التي تهدّد وجود المملكة رسميا والخطر الايراني بالنفوذ السياسي الخليجي اصبح اكبر من اي وقت مضى بالنسبة اليها، وبعد هذه العودة القطرية يصبح حلفاء الولايات المتحدة العرب وبمعزل عن تركيا أقرب الى الإيحاء بالقوة وبالاستعداد الى المفاوضات قبل ان تفلت زمام الأمور وتصبح عدة انعطافات أمراً واقعاً على الرياض.