أوباما يريد وديمستورا يريد والأسد يفعل ما يريد

أوباما يريد وديمستورا يريد والأسد يفعل ما يريد

تحليل وآراء

الأحد، ١٦ نوفمبر ٢٠١٤

 لولا سقوط هاتفي النقال في الماء، لأثبتُّ بالدليل القاطع أنّ الرقم المباشر للرئيس الأسد كان بحوزتي، وعلى قاعدة "عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم"، فهذا يثبت بالقطع أنه ليس شريكي في جريمة هذا المقال، وخصوصاً أنّ هناك جهات استخبارية دولية وإقليمية عرفت بمصير هاتفي-ليس من ضمنها فارس خشان-، فقامت باستغلال الفرصة ومسَحَت هاتف الرئيس من الدليل العام، وإذا اعتبَر البعض أنّ هذا تفنيداً قضائياً لدليل اتهام، فسيقف عاجزاً عن تفنيد رؤية زرقاء الضاحية حوحو، التي نقلت رؤية العرسالي الاستخبارية السرية جداً كالعادة، عن مغادرة مقاتلي حزب الله للميدان لعدم تلقي رواتبهم، الشهرية كالعادة، لا أعرف زرقاء الضاحية، ولكني أعرف من خلال نقلها للخبر، أنها لا تتقن صناعة "المجدرة"، لأنّ قوافل مقاتلي الحزب التي رأتهم الزرقاء، غادروا الميدان اشتياقاً للـ"المجدرة" فاستخدمت ذكاءها للتعمية على عقدة النقص لديها، فاصطنعت إفك الرواتب، وكان الأجدر بها، إستخدام ذكائها في تعلم "المجدرة" وليس في تحوير الرؤى.

وبما أننا في زمن اللامعرفة، فأنا أيضاً لا أعرف إن كان المبعوث الأممي ديمستورا قد سمع بـ"المجدرة"، ولا أعرف أيضاً إن كان هاتف الرئيس الأسد لديه أم لا، -قد يفيدنا فارس خشان في محكمة لاحقة عن الأمر في سبقٍ منصاتي، فلم تعد منصات القضاء جديرة بدون "مجدرة"-، ولا أعرف أيضاً لماذا تكثر الجُمل الإعتراضية، وقد يكون ذلك لأنها أكثر جرأةً منا، وأقل تعقيداً من حساباتنا، المهم وبعيداً عن اعتبار الرئيس الأسد بأنّ مبادرة ديمستورا جديرة بالدراسة، ولكن منذ الإعلان عنها طفت مصطلحات كغرائب أشعب، فوق سطح مستنقع الحرب على سوريا، مثل الأطراف المتنازعة، أطراف الصراع، الطرفان المتنازعان، وقديماً قلت أنّ هناك خشية من التعامل مع الدولة السورية كأنها ميليشيا أخرى، وبما أنّ التراث العربي جدير"حتى بـ"مجدرته"، فإنه يقول (خليك مع العيار لباب الدار)، وخصوصاً أنّ ديمستورا ومشغليه من العيار الثقيل- لا أقصد القلق الدائم بوكيمون طبعاً- فهل يريد ديمستورا التفاوض مع البغدادي لتجميد القتال، البغدادي الذي جيشت له أمريكا- مشغلة ديمستورا- أربعين دولةً لخطره على الأمن والسلم الدوليين، حتماً هو مستثنى من التفاوض، وله الأوامر فقط من "السي آي إيه" وليس له شأن بالبيت الأبيض، إذاً فهو سيفاوض الجولاني، ولكن النصرة على لائحة الإرهاب الأمريكية، والعرف الأمريكي لا يفاوض الإرهاب.

ما زلنا وراء ديمستورا، إذًا فهو سيفاوض المعتدلين البارعين دوماً في فن التكتيك الانسحابي والانسحاب التكتيكي، أو ما يطلق عليهم اصطلاحاً (الجيش الحر)، لا أعرف أي قاعٍ سينبش ليجدهم، أو أنه سيفاوض المتدرجين على سلم الحياة، من لصوص حبال الغسيل ورؤوس الماشية وبط العجائز وحمام القواعد إلى قوّاد ثورة، والحقيقة أنّ مهمة ديمستورا التفاوضية عصيبة، حيث أنّ كل ملتحٍ مسلح هو إمارة مستقلة يجب التفاوض معها، ولن أتطرق للبحرة ومعاذ الخطيب وأمثالهما، لأنّ ديمستورا قد يمنحهم صورة تذكارية على أقصى تقدير، قد يقول قائل إنّ الأوامر إذا صدرت من واشنطن لكل الرعاع المقاتلين والداعمين والممولين بتجميد القتال سيتجمد، فيما لو ارتأت مصلحتها في ذلك، وهنا تبرز أسئلة أخرى، ما هي مصلحة واشنطن، بلا شك إزاحة الأسد وتقسيم سوريا أو تدميرها كأضعف المصلحة، وهل التجميد يحققها، وفيما لو تجمد القتال، كيف سيكون الإخراج الأمريكي لالتزام البغدادي به، فإما أعدمناه وقضينا على دولته، وإما فاوضناه والتزم، وإذا قضينا عليه فما هي النسخة الأمريكية القادمة من الإسلام و"فقاسة القاعدة"، وإذا فاوضناه والتزم، فالخطوة التالية عضوية الأمم المتحدة، وبالإمكان استجرار أسئلة حتى قيام الساعة، ولكن ساعة الحسم تحتاج لسؤالٍ واحدٍ فقط، متى؟

وبالعودة لتصريحات الرئيس الأسد بجدارة المبادرة، هو جواب سياسي محض، ولا يمت للميدان بصلة، فهو الأكثر إدراكاً للقيود الأمريكية التي تسوّر معصمي ديمستورا، فقد رآها بالعين المجردة حين اجتمع به، وأنّ ديمستورا هو مجرد عابر آخر على أبواب دمشق، يحمل الكثير من أكياس الورق ومحابر الكلام، فسوريا قررت الحسم عسكرياً وأمنياً، وصحيح أنها تشتري الوقت بالغالي والنفيس من دم أبنائها، ولكن التوقف حالياً هو بيع الوقت والدم بأبخس ثمن، وبمراجعة يسيرة لتصريحات الرئيس الأسد والسيد نصرالله، تستنتج أنّ الحسم هو قرار ملزم ومتخذ، وأما التعاطي إيجاباً أو سلباً مع المبادرات والمهاترات، فهو وجه آخر إلزامي وضروري لذلك القرار.