أقلية نافذة .. بقلم: عثمان النمر

أقلية نافذة .. بقلم: عثمان النمر

تحليل وآراء

الخميس، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤

يمثل اليهود أقلية في الولايات المتحدة، لا تزيد نسبتهم إلى مجموع السكان على 7 .1%، لكنهم يحظون بتمثيل سياسي في مراكز صنع القرار أكبر من حجمهم الطبيعي، ويسيطرون على عقل ووجدان واتجاهات الرأي العام الأمريكي، ويقبضون على عصب الاقتصاد والمال بسيطرتهم على كل ما يبيض ذهباً .
رغم أن للمسلمين الأمريكيين الذين يمثل عددهم نصف عدد اليهود في الولايات المتحدة، عضو واحد في الكونغرس الأمريكي، فلليهود في المجلس المنتهية ولايته 32 عضواً هم 11 سيناتوراً في مجلس الشيوخ، و21 نائباً في مجلس النواب . ويترأس أربعة منهم أهم لجان مجلس الشيوخ وهي القوات المسلحة والاستخبارات والخدمات العامة والأخلاقيات، ويترأس خمسة منهم خمس لجان في مجلس النواب .
حوّل هؤلاء المشرعون وغيرهم من الخاضعين لترغيب وترهيب أخطر لوبي في التاريخ، الكونغرس إلى ظهير تلقائي ل"إسرائيل"، يغدق عليها بالسلاح الذي يضمن تفوقها عسكرياً، وبالقرارات والقوانين المجانية التي تلزم الإدارة الأمريكية بالدفاع عن مصالح "إسرائيل" وجعلها فوق القانون الدولي .
عين 127 قاضياً في المحكمة العليا الأمريكية منذ إنشائها في أواخر القرن الثامن عشر وحتى الآن، ومن بين هؤلاء 8 يهود، وفي المحكمة الحالية التي كان آخر تعيين فيها عام ،2012 ثلاثة قضاة يهود يمثلون ثلث عدد قضاة المحكمة العليا التسعة . وهذا التمثيل الذي لا يتناسب مع عدد اليهود في الولايات المتحدة، لم تحظ به أية أقلية أخرى، سواء من السود أو المسلمين أو الإسبانيين أو الأمريكيين من أصول آسيوية .
يسيطر اليهود على قطاع الأعمال الأمريكي فهم ملوك صناعة وتجارة الأغذية والقطاعي وأباطرة الصحف والنشر، والعقارات والتكنولوجيا وصناعة الترفيه من التلفزيون والسينما والفيديو، وصناعة التمويل، وإدارة الأموال والبنوك، وأسواق الأوراق المالية والمعادن .
في المجال العلمي حصل 23 عالم اقتصاد يهودي أمريكي على جائزة نوبل، واثنان في طب علم النفس، و34 في الفيزياء، و39 في الأحياء .
يلتحق الطلاب اليهود الأمريكيون بصفوة الجامعات، هارفارد وستانفورد ويال وكورنيل وبرينستون وجورجتاون ومعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا . و21% من طلاب هارفارد من اليهود الأمريكيين .
اليهود الأمريكيون يمثلون قوة ضاربة في الولايات المتحدة بما يملكونه من نفوذ سياسي واقتصادي ومالي وأكاديمي، وتوظيف هذا النفوذ عبر اللوبي المنظم لتعظيم هذا النفوذ، واستخدامه بفعالية لإخراس أي صوت معارض، وسحقه .
البروفيسور نورمان فنكليشتاين أستاذ جامعي يهودي في جامعة دي بول تحدث مراراً عن حقوق الفلسطينيين في الحياة والدولة، فكان مصيره المنع من التدريس .
السيناتور الأمريكي السابق بول فندلي تحدث ذات مرة عن الظلم الذي لحق بالفلسطينيين، فثار اللوبي الصهيوني عليه حتى أسقطه في الانتخابات، وكتب عن تجربته في كتاب بعنوان "من يجرؤ على الكلام"، ثم ألحقه بآخر بعنوان "هؤلاء تجرأوا على الكلام" لتوثيق تجربة آخرين انحازوا للدستور الأمريكي، لكنه لم يستطع حمايتهم لأنهم وقفوا بوجه اللوبي القوي، الذي يملك التلاعب بعقول الأمريكيين، ولا يريهم إلا ما يرى عبر الصحافة والتلفزيون الذي يملك، وعبر سطوة المال والنفوذ، لصياغة السياسة الخارجية الأمريكية .
هل يحار المرء بعد إذا رفع شيوخ ونواب أمريكيون مذكرة إلى الرئاسة الأمريكية للعفو عن الجاسوس "الإسرائيلي" جوناثان بولارويد؟ وهل نحار إذا أشهر المندوب الأمريكي الدائم في مجلس الأمن الدولي "الفيتو" بوجه أي مشروع قرار إذا كان يدين "إسرائيل"، حتى إذا حظي بإجماع الأعضاء ال 14 الآخرين؟