داعش وأكذوبة آخر الزمان

داعش وأكذوبة آخر الزمان

تحليل وآراء

الخميس، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤

 جاء تنظيم "داعش" الإرهابي في وقت تغلي فيه المنطقة وتفور بالثورات المطالبة بالحرية والديمقراطية، فاستغلّ ما قامت به أنظمة الحكم في بلدان العرب من قمع للمظاهرات السلمية، ليؤجج مشاعر الحقد والكراهية لدى الشباب الناقم على الأوضاع القائمة في بلاده، ويدعوهم للانضمام للجيش الذي سيحارب الصليبيين واليهود في آخر الزمان، فكانت الأكذوبة التي تروّج لها قيادات التنظيم لاستقطاب المزيد من الشباب.
ومن هذا الإطار انطلقت اللجان الالكترونية للجماعات المتطرفة في الترويج على المنتديات الإسلامية، بأنّ ما يجري في العراق والشام هو الاستعداد لمعركة آخر الزمان "دابق"، وهي منطقة في ريف حلب بسوريا، والتي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي ينتصر فيها المسلمون على الروم "أوروبا وأمريكا"، ثم يحاربون المسيح الدجال، حيث يقتله نبي الله عيسى عليه السلام بحربته.
ولكن هؤلاء الجهلاء من القائمين على الترويج لجماعة "داعش" الإرهابية على المنتديات ومواقع التواصل بمسميات وهمية من مختلف البلدان العربية والأجنبية، نسوا أو تناسوا حديث النبي الكريم، والذي تحدث فيه عن أنّ المؤمنين سوف يتداعى عليهم العالم ثم يكونوا جيشهم من المدينة لينطلق نحو العدو الغربي، وليس هناك أي إشارة إلى أنّ ذلك الجيش سيتكون في العراق أو في سوريا، وهذا خطأ جسيم وقعوا فيه.
كما أنّ أفعال تنظيم "داعش" الإرهابي لا يمكن أن يعبّر عن جيش الإسلام الذي سيوحّد راية المسلمين في آخر الزمان، وهنا لا بد أن نستعرض بعض الخطايا والجرائم التي يقوم بها التنظيم، والتي تسيء للإسلام والمسلمين، ولا يمكن أن نقبل على الإطلاق أن يروّج لصورة الإسلام بهذه الطريقة لأولئك المرتزقة.
بدايةً تكوّن تنظيم "داعش" بالمال، فصار مئات المنضمين له من المرتزقة "المجندين الذين يقاتلون لقاء بدلٍ مالي"، حيث استقطب التنظيم العديد من الشباب اليائس من الحياة لضيق ذات اليد، فقدم لهم المال الكثير، وهو ما ظهر على أسر الكثير من المنضمين لذلك التنظيم في مصر وتونس وغيرها من البلدان العربية، وتمّ الاحتيال على الشباب المنضمّين بالقول إن هذا البدل هو "غنيمة"، والمعروف أنّ الغنيمة تكون بعد المعركة ولا تدفع مقدمًا كما هو الحال مع من يضمهم التنظيم، وهذا الأمر لا يتوافق نهائيًا وأخلاق الإسلام والجهاد في سبيل الله.
والأمر الثاني أنّ تنظيم "داعش" الإرهابي، عمد في معاركه في سوريا والعراق على زرع الفرقة بين المسلمين "سنة وشيعة"، ولم يكن الشعبان السوري والعراقي يفرقون وقتها بين مواطنٍ وآخر، وكانوا يعيشون جميعًا بسلامٍ اجتماعي، وكانوا يتصاهرون ويعيشون سويًا دون أية فروق، حتى جاء ذلك التنظيم ليشعل الفرقة والخلاف والاقتتال الطائفي، زاعمًا أنه يدافع عن أهل السنة، بالرغم من أنه لا يفرق الآن بين ضحاياه، فهو يقتل الجميع بلا هوادة وبلا تفرقة.
والأمر الثالث والأكثر خطورةً في ذلك التنظيم هو ما اصطلح على تسميته "جهاد النكاح"، وهي الفتوى التي خرجت من بعض الدعاة في السعودية وتونس، حيث قال الداعية السلفي خباب مروان في فتوى تناقلتها منتديات إسلامية، إنّ "المرأة المتزوجة المُناط بها الالتزام بأحكام فتوى "جهاد النكاح" بحال وجودها بين المجاهدين يشترط بها عدم إعلام زوجها بما ستقوم به"، وأضاف أنه "يجوز لمن اتخذت من الجهاد في سبيل الله طريقاً، أن تنكح شخص آخر غير زوجها في ساحات الجهاد بشرط عدم علم زوجها، وذلك حتى لا تؤذي مشاعره، ولكن في حال قبول الزوج أن تُنكح زوجته من مجاهد فلا مشكلة بمعرفته، ويكون عملها ذلك خالصاً لله عز وجل".
وهذا أمر "كارثي" حيث استجابت له الكثير من الفتيات في بعض الدول العربية والأوربية، ومنهن من عادت إلى بلادها وهي حامل، ولا تدري لمن يمكن أن ينسب ما في بطنها، بعد أن مارست الجنس مع عشرات الرجال، وذلك وفق ما أكدته تقارير إخبارية تونسية، في تحقيق عن عدد من الفتيات العائدات من سوريا.
وبحسب تقارير عراقية، فقد دعا تنظيم "داعش" فتيات العراق في المحافظات التي سيطر عليها التنظيم، إلى المشاركة في "جهاد النكاح"، كما هدد بتوقيع عقوبات صارمة على كل من يتخلف عن تقديم ابنته لجهاد النكاح، وأن كل واحدة ترفض ستعاقب بالرجم حتى الموت.
وأشارت الإحصائيات التي خرجت عن أجهزة الأمن الأوروبية إلى أنّ أعمار الفتيات تتراوح بين 14 و25 عاماً، بينهن 60 فتاة من فرنسا، و50 من بريطانيا، و40 من ألمانيا، و14 فتاة من أستراليا، فيما تقول إحصائيات أوروبية أن نحو 150 شاباً وفتاة سافروا من أمريكا للانضمام للحرب المقدسة في سوريا.
وقد أجمع علماء الأزهر الشريف وعلماء السنة في العالم الإسلامي، على أنّ ذلك الجهاد المزعوم هو "زنا" إن لم يكن فيه شروط الزواج الطبيعي والدائم، فكيف يكون ذلك الأمر من الإسلام في حين ينكره جميع علماء الإسلام، ما عدا أولئك المنتمين لجماعات التطرف والتخلف والإرهاب.
وبالإضافة إلى ذلك يقوم تنظيم "داعش" الإرهابي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حيث يقتل عناصره النساء العجائز والأطفال والرجال العزل، فيما يأسرون الفتيات الشابات فقط لاستعبادهن واغتصابهن، خاصةً الفتيات غير المسلمات، كما حدث مع الفتيات الأزيديات في العراق، والروايات التي تناقلتها وسائل الإعلام مؤخرًا.
إذًا كل الأمور تشير إلى أنّ ذلك التنظيم الإرهابي المتطرف، لا يعبر عن الإسلام ولا يرفع راية الإسلام، وأن يمثّل من أخبر عنهم الرسول الكريم، هم أصحاب الرايات السود، الذين يدعون حمل راية الإسلام وهم منافقون، ولا بدّ من قتلهم لأنهم يقومون بتشتيت وتفريق الأمة ويسيلون دماء أبنائها أنهارًا، وذلك في الوقت الذي تحميهم فيه القوات الأمريكية الأوروبية التي تدعي أنها تحاربهم.