الجيش السوري يحسم الكثير من المعارك الكبرى وملامح نهايات المعركة بمواجهة الجماعات المسلحة بدأت

الجيش السوري يحسم الكثير من المعارك الكبرى وملامح نهايات المعركة بمواجهة الجماعات المسلحة بدأت

تحليل وآراء

الخميس، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤

 بين الحقيقة والوهم شعرة واحدة، وعلى الرغم من أنّ ملامح نهايات المعركة في سورية بمواجهة الجماعات المسلحة قد بدأت تظهر من خلال حسم الجيش السوري الكثير من المعارك الكبرى وخصوصاً في مناطق الثقل الإستراتيجي المتمثل بالمدن الكبرى وأغلب القطاعات الحيوية من البلاد، ورغم أنّ اكثر من 70% من سكان سورية يسكنون المناطق التي تسيطر عليها الدولة، فإنّ المعركة ما زالت مستمرة، والكثير من المناطق وبعضها يمكن وصفه بالمناطق الحيوية كالجولان وبعض مناطق درعا التي ما زالت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، وتشكّل تهديداً تختلف نسبته بين مكان وآخر.
لا بدّ من مقاربة وقائع الميدان ببعد واقعي، مع الأخذ بعين الإعتبار السيناريوهات التي تقارب الوهم لإمتلاكها بعداً واقعياً لم تُحسم معالمه بشكل نهائي، ومن هذه السيناريوهات ما يحكى عن إقدام الجماعات المسلحة على إحداث خرق بإتجاه الأراضي اللبنانية من عرسال وصولاً حتى شبعا جنوباً.
في الفترة الأخيرة شهدت أعالي جرود القلمون وجرود عرسال معارك يتم الترويج لها من قبل الجماعات المسلحة على أنّها معارك فاصلة ستغيّر جغرافية الحرب بشكل كامل. وكنا سابقاً قد تحدثنا عن سيناريوهات للجماعات المسلحة بالدخول الى الأراضي اللبنانية عبر جرود عرسال وصولاً الى جرود الزبداني من خلال الإندفاع عبر السفوح اللبنانية المحاذية للجرود السورية.
في البعد الإستراتيجي فإنّ الجماعات التي تسيطر على بعض أعالي الجرود هي من الجماعات التكفيرية التي تحمل مشروعاً يرتبط بإقامة دولة الخلافة ويتجاوز الأهداف التي طرحها "إئتلاف الثورة السورية"، وهذا ما تؤكده طبيعة التصريحات والتصرفات لهذه الجماعات، وبذلك تبقى المعركة مع هذه الجماعات مفتوحة حتى إلحاق الهزيمة بها من القوى التي تواجهها وأعني الجيش السوري وحزب الله.
تكتيكياً حتى هذه اللحظة، لم تستطع الجماعات المسلحة تحقيق إنجاز واحد يحقق لها التخلص من العدو الأكبر الذي ينتظرها وهو الصقيع الناتج عن الثلوج التي تتراكم حتى مترين وثلاثة في أغلب أماكن تواجدها، وهو أمر لم يحصل في الشتاء الفائت ولا قبله كون هذه الجماعات كانت تسيطر على قرى وبلدات القلمون وتمتلك ما يكفي من مؤونة الشتاء والذخائر والسلاح.
هذه الجماعات التي جربت أكثر من مرّة أكثر من سيناريو لتحقيق خرق يوصلها الى المناطق الدافئة نسبياً سواء على الجهة اللبنانية او على الجهة السورية، لم تستطع حتى اللحظة تحقيق هدفها التكتيكي وهو ايجاد ملجأ يقيها برد الجبال.
آخر هذه المحاولات كانت البارحة عبر تسلل مجموعات صغيرة بإتجاه مواقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة في جرود قوسايا اللبنانية والذي جوبه بالنار واجبرت هذه المجموعات على العودة من حيث أتت.
من يعرف المنطقة الجغرافية الممتدّة من الزبداني الى سرغايا ومعربون ونزولاً بإتجاه السفوح اللبنانية، يعلم أنّ الكثير من المنخفضات المفتوحة ستكون ممراً إجبارياً لمرور هذه الجماعات، وهي إذا اندفعت بمجموعات كبيرة ستكون عرضة لنيران الجيش السوري المتمركز في القمم الحاكمة والمشرفة على هذه الممرات وكذلك نيران الجيش اللبناني ومقاتلي حزب الله من الجهة اللبنانية.
ورغم الخطر التي تشكله الخلايا والمجموعات النائمة في مخيمات النازحين وبعض البلدات اللبنانية في البقاعين الأوسط والغربي، فإنّ هذه الخلايا لا يمكنها أن تتحرك وتكشف عن نفسها الا في سياق خطة متكاملة مع المجموعات المندفعة من الجرود وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى اللحظة.
في منطقة شبعا يبدو الأمر مختلفاً بعض الشيء نظراً لدخول الجانب "الإسرائيلي" على الخط مباشرةً من خلال دعم الجماعات المسلحة لتغيير خارطة السيطرة لصالحها في منطقة القنيطرة.
الجهد الرئيسي لهذه الجماعات ينصب في هذه المرحلة على إحداث تمدّد بإتجاهين اوله من جهة كفرنسيج حمريت بإتجاه ريف الكسوة وكذلك الإلتفاف على خان أرنبة ومدينة البعث للإندفاع بإتجاه سعسع وما يليها، فيما ستحاول الجماعات المسلحة إحداث خرق على جبهة الحضر التي يتمركز فيها الجيش السوري وإسقاطها للإندفاع بإتجاه بيت جن التي تعتبر مفتاح الدخول الى جرود شبعا، وهنا لا يمكننا إغفال التدخل الإسرائيلي الى جانب الجماعات المسلحة لتسهيل مرورها عبر مواقعه في جبل الشيخ للعبور الى سفوح راشيا وعيحا ومنها الى كفرقوق ودير العشاير، مع إحتفاظ الجماعات المتقدمة بالقدرة على الوصول الى شبعا بتغطية اسرائيلية حيث تصبح في تماس مباشر مع المقاومة اللبنانية.
إذا استطاعت الجماعات المسلحة العبور الى سفوح راشيا وعيحا وكفرقوق ودير العشاير فإنها بذلك تحاول الإطباق على دمشق من الخلف عبر إمتداد يعفور – قطنا أولاً بهدف الإتصال مع الجماعات المحاصرة في خان الشيح وزاكية وغيرها، والضغط على دمشق من جهة جديدة عرطوز ومحاولة الإتصال بمسلحي داريا المحاصرين.
هذا السيناريو لا يغفل تقدم مجموعات أخرى من الجهة السورية اذا استطاعت هذه الجماعات السيطرة على خان أرنبة ومدينة البعث.
هذا ما تفكر به هذه الجماعات وهذا ما تخطط له فعلاً وهو أمر وضعته القيادة العسكرية السورية في حسبانها وتقوم بما يلزم من إجراءات لمنع حصوله، وكذلك يفعل الجيش اللبناني والمقاومة حيث تتواجد.
حتى اللحظة لا يمكن وصف هذه السيناريوهات الا بسيناريوهات الجنون لأنّ واضعيها يبدو أنهم لا يمتلكون المعطيات الميدانية والإستخباراتية ولا القراءة السياسية التي تجعلهم يضعون خططاً وسيناريوهات واقعية تتناسب مع موازين القوى والقدرات.
الشتاء قادم على مسلحي القلمون وعرسال ولا نعلم بالضبط مصير هؤلاء، فهل سيموتون من البرد القارس أو برصاص الجيش السوري والجيش اللبناني وحزب الله اذا ما قرّروا خوض معركة إنتحارية.
في شبعا ستكون الثلوج القادمة قريباً مانعاً حقيقياً لتحقيق خطط هذه الجماعات وسيؤخر إندفاعها الموعود.
في هذا الوقت ستكون معارك ريف حماه والغوطة الشرقية قد انتهت ما سيسمح للجيش السوري من حشد قوات إضافية على جبهة القنيطرة وجبهة درعا وهو أمر لن يكون في مصلحة الجماعات المسلحة ابداً.