من غوبلز إلى أردوغان.. بقلم: غسان يوسف

من غوبلز إلى أردوغان.. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الخميس، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤

كان جوزيف غوبلز ‏وزير الدعاية السياسية الألمانية في عهد أدولف هتلر يقول "اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس... وحتى تصدق نفسك!"
صحيح أنّ غوبلز مات لكن تلامذته تفوقوا عليه في الكذب والتضليل, ولعل المثال الأبرز على تلامذته (النجباء) والأقرب إليه هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لا يترك مناسبة إلا ويمارس مهنته في الكذب والتضليل, فالشخص الذي يفرض قيوداً شديدة على حرية القضاء والكتاب والصحافيين، والذي يعمل على التمييز بين أبناء الشعب الواحد وتقسيمهم إلى أعراق وطوائف ويتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ويدعم مجموعات إرهابية في مقدمتها (داعش) سواء بالتأييد السياسي أو التمويل أو الإيواء لبث الفوضى والإضرار بمصالح شعوب المنطقة كما في ليبيا وسورية والعراق, يدّعي أنّ للإرهاب مسببات ولعله كان يريد القول إنّ دعمي للإرهاب له أسبابه ولكنه لم يفعل حتى لا يصح عليه القول, من فمك أدينك!
والسؤال هنا هل الولايات المتحدة التي تدّعي مكافحة الإرهاب بغافلة عما يفعله أردوغان من تمويل وتدريب وتسليح لعصابات داعش؟ الجواب لا, لأنّ نائب الرئيس الأميركي اعترف بعظمة لسانه بأنّ دولاً مثل تركيا والسعودية والإمارات وقطر دعمت المجموعات الإرهابية في سورية، بحجة محاربة النظام!.
قناة فرانس 24 عرضت برنامجاً خاصاً بينت فيه أنّ أسلحة داعش وسياراتها ولباسها وطعامها كله تركي ومثلُ قناة 24 فعلت الكثير من القنوات الغربية, والخشية كل الخشية أن يفاجئنا الرئيس الأميركي باراك أوباما يوماً ويقول: لم نكن نعلم أنّ أردوغان كان يدعم داعش! مثلما فعل على قناة CBS عندما ادّعى أنّ المخابرات الأميركية - التي تتجسس حتى على هواتف أصدقائها - لم تكن تتوقع أن يؤدي تدهور الوضع في سورية إلى ظهور مجموعات إسلامية متطرفة خطيرة على غرار تنظيم داعش مدّعياً أنّ رئيس أجهزة الاستخبارات جيم كلابر أقر أنّهم لم يحسنوا تقدير ما جرى في سورية".
الصفعة الكبرى لممتهني الكذب جاءت من كريستينا فرنانديز رئيسة الأرجنتين الرائعة التي قالت: "اجتمعنا منذ عام وكنتم تعتبرون نظام الأسد إرهابياً، وكنتم تدعمون المعارضين الذين كنا نعتبرهم ثواراً، واليوم نجتمع للجم الثوار الذين تبيّن فيما بعد أنّهم إرهابيون ومعظمهم تدرج في التنظيمات الإرهابية وانتقل من المتشدد إلى الأكثر تشدداً واليوم نجتمع لإصدار قرار دولي حول تجريم داعش ومحاربتها, وداعش مدعومة من قبل دول أنتم تعرفونها أكثر من غيركم, وهي حليفة لدول كبرى أعضاء في مجلس الأمن؟!
كلام الرئيسة الأرجنتينية لم يرق لممتهني الكذب حيث عمدت وسائل الإعلام المأجورة والمرتهنة إلى قطع البث ووقف الترجمة فجأة؟!
الأصوات الغربية لم تعد خجولة كما كانت, فقد طالب مالكوم ريفكند رئيس لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، ووزير الخارجية البريطاني الأسبق، بتشديد الخناق على دويلة قطر، محذراً "من أنّه لا يمكن لقطر دعم الإرهاب علناً دون محاسبة", كلام ريفكند أكدته صحيفة "التليغراف" بقولها إنّ الكثير من التمويل، مُرر عبر شبكات وجمعيات خيرية وهمية في قطر، وسُمح للجماعات الإرهابية بالعمل بها، على الرغم من نفي القطريين مراراً تمويلهم لـ "داعش".
وهنا يمكن العودة لكلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم من أنّ الفكر المتطرف سيصل إلى كل بقعة يمكن له أن يصل إليها ابتداءً بأوروبا وأميركا, وبأنّ أولوية سورية كانت ومازالت مكافحة الإرهاب، لأننا كنا نرى ومازلنا أنّه لا يمكن البدء بأي حل سياسي والإرهاب يضرب الأرض السورية.