السيّد نصرالله: نحن في لحظة انتصار

السيّد نصرالله: نحن في لحظة انتصار

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٢ أكتوبر ٢٠١٤

 "نحن في لحظة نصرٍ حقيقي لأننا منعنا العدو من تحقيق أهدافه ونحن نتجه نحو تحقيق النصر النهائي." هكذا عبّر سماحة أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله في اللقاء السنوي للمبلّغين والعلماء.
فمخطئٌ من ظنّ أنّ حزب الله نادمٌ على أية خطوةٍ اتخذها يوم قرر التدخل في مجريات الحرب السورية، والدفاع عن الحدود الشرقية للبنان، من موجة التكفير والارهاب. فللحزب وسيده الصادق المؤتمن نظرة ثاقبة، بعيدة المدى، مبنية على المعطيات والوقائع.
الأحداث الأخيرة ترجمت يقين سماحة السيّد، أنّ كل قطرة دم سقطت وكل جهد بذل وسيبذل في مكانه الصحيح، ما زاد اطمئنانه اطمئناناً.

وثيقة سرية وقعت في يد حزب الله تكشف وتؤكد صوابية القرار. فالسلفية الجهادية التكفيرية، التي شكلت محوراً من أحد ثلاثة محاور، كانت قد رسمت خطتها منذ وقتٍ طويل، والأحداث التي مررنا ونمر بها، تأتي في سياق الخطة المدروسة بإتقان، والتي تم إفشالها حتى الآن، ويؤكد سماحته أنّ الفرصة قائمة للقضاء عليها بالصبر والثبات والمقاومة.

يقسّم سماحة السيّد المحاور في المنطقة إلى أربعة، ثلاثة منها تشكل محور الشر المتآمر على بلادنا:
المحور الأول: محور سعودي – إماراتي
المحور الثاني: محور قطري – تركي – إخواني
المحور الثالث: محور السلفية الجهادية التكفيرية والقاعدة
أمّا المحور الرابع فهو محور المقاومة، الذي لحظ الخطر القادم منذ بداية الهجمة، فكان في سوريا ولبنان وعلى الحدود وأينما تطلّبت المعركة وجوده، غير آبهٍ بالحدود السياسية بين الدول، فالمشروع الآتي أخطر وأعمق من حدود لا قيمة لها أمام الخطر الوجودي.

يؤكّد سماحته أنّ ما حصل من حراكٍ في العالم العربي فاجأ الجميع بمن فيهم أميركا، فالحراك الشعبي جاء محقاً نتيجة اختناق الشعوب من الظلم الواقع عليها من الأنظمة والحكام (تونس، مصر، ليبيا، البحرين)، أمّا سوريا فهي أمرٌ آخر. المحور الأوّل المتمثّل بالحلف السعودي الإماراتي كان رافضاً رفضاً قاطعاً لكل الحراك الشعبي، وحاول منعه من تحقيق أهدافه وإسقاط الأنظمة، وضغط تجاه الأميركي والفرنسي للحؤول دون ذلك. ينسف السيّد هنا النظرية التي تنسب الحراك في العالم العربي إلى الغرب والولايات المتحدة. وعندما فشل هذا المحور في منع سقوط الأنظمة، حاول أن يستغل الحراك ويأخذ دوراً معيناً في تلك الدول.

المحور الثاني، لم يكن على علم ودراية بما سيحدث من حراك، ولكن تسارع الأحداث أجبرته على الإستفاقة، فقرّر عندها التحالف التركي القطري الإخواني إستثمار ما حدث، فسقوط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا يفتح المجال أمام تحقيق حلم أردوغان بالتوسع ليحكم من خلال الإخوان وبدعم مالي وإعلامي هائل من قطر. فنجح في تونس ومصر لبعض الوقت، ولكنه فشل في ليبيا فشلاً ذريعاً، نتيجة اصطدامه بالمحورين الأوّل والثالث. هنا يشرح السيّد نصرالله كيف تقاطعت مصالح المحاور الثلاثة عند بدء الأزمة، وكيف اشتبكت فيما بعد، وما زالت.

المحور الثالث، المتمثّل بالخط السلفي التكفيري كان الأذكى، فهو الذي خطّط منذ العام 2011 لإقامة الخلافة، بحيث استثمر هو الآخر ما حصل من حراك للشعوب العربية ومن تسهيلات قدمتها أميركا والسعودية وتركيا وقطر وكل من يدور في فلكهم لاستغلاله فكان مستغِلاً ومستغَلاً، ومن خلال الوثيقة تبيّن أنّ المحور الثالث قد وضع مواصفات للأرض التي سينطلق منها للحكم والخلافة فاختار سوريا بناءً لعدة معطيات، أهمها الموقع الجيوسياسي والدور الذي تلعبه سوريا في المنطقة، وبما أنّ سوريا بلد ذات عدد سكاني مرتفع، وجغرافيا واسعة، ومطلة على البحر، ولديها ثروات زراعية، وحيوانية، وصناعية، ومائية، ونفطية، بحيث تكون نقطة الإنطلاق في حال السيطرة عليها نحو لبنان الأردن، ومنها فيما بعد إلى مكة ليؤكد شرعية خلافته (الإسلامية).

يرى سماحة السيّد أنّ تنظيم داعش الإرهابي يعمل على تصفية كل من ليس معه ومختلف عنه، فالهجمة ليست ضد طائفة معينة بل هي ضد كل الأقليات وحتّى ضد المعتدلين السنّة. فكانت العديد من المظاهر التي شهدناها، والتي لا تدل سوى على "تصفية الإختلاف" بحسب السيّد نصرالله. هذه الخطّة رُسمت لفترة أقصاها تسعة أشهر، يؤتى عبرها بالذبح والقتل والترهيب، فيهرب من يهرب، ومن يبقى سيموت، ولكن محور المقاومة، تصدّى لهذا المخطّط وأفشله وحمى كل الأقليّات والمختلف مع التكفيري في المنطقة.

يعدّد سماحة السيّد الأثمان التي دفعتها المقاومة، مثمّناً ومقدساً دماء الشهداء التي كانت هي الركيزة الأساس في تحقيق النصر. "كل هذه الأثمان أقل من الإنجاز الذي حققناه"، ويضيف "لو لم نقاتل هذا المشروع كنا دفعنا أكثر بكثير (وجودنا)". يعزّز السيّد وصفه النصر الذي تحقّق طالما فشل المحور التكفيري من السيطرة على سوريا وإسقاط النظام والوصول إلى لبنان وتهجير السكان وتطهير البلاد بشكل عنصري، ويقول "نحن الآن في لحظة إنتصار ولسنا في لحظة انكسار، بدليل أنّ الأماكن الأساسية في سوريا ما زالت معنا".

وللتذكير فقط لمن خانته الذاكرة ولمن (على قلوب أقفالها)، في الثالث عشر من كانون الأوّل 2013 قال السيّد حسن نصرالله "سيأتي يوم يشكرنا فيه العالم على تدخّلنا في سوريا".