هل أصبحت معركة القلمون خارج حسابات حزب الله..؟!

هل أصبحت معركة القلمون خارج حسابات حزب الله..؟!

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٢ أكتوبر ٢٠١٤

 لم يعد توقع نتيجة معركةٍ عسكريةٍ بتطلب إنتظار رفع راية الإنتصار وإنتهاء المعركة، فالوقائع والمعطيات كافية هذه الأيام لتكشف مسار الحرب ومصير المعركة وحتى هوية المنتصر فيها، وهذا ما بدأ يظهر في معركة القلمون، حيث باتت كل الوقائع والمعطيات تشير إلى أن المعركة محسومة لصالح حزب الله الذي أصبح على يقين من ذلك، متخطياً قرب الجبهة من معاقله في البقاع اللبناني، خاصةً وأن حسمها بات بالنسبة إليه مسألة وقت لا أكثر، بعد أن خرجت تحركات المسلحين فيها وخطواتهم بالنسبة للحزب، من إطار الترقب والتحضير لتدخل في سياق المعلوم والمتوقع، وبالتالي المحضر له.
كثيرة هي التحليلات والسيناريوهات التي أحيكت ومازالت تحاك، حول مصير معركة القلمون وما يمكن أن يطرأ عليها. هناك من يرى أن الحل الوحيد يكون عبر جر المسلحين نحو الإلتحاق بجبهات أخرى قريبة كالزبداني أو ريف حمص الشمالي، أو منحهم إمكانية السيطرة على بلدة  قلمونية يستطيع بعدها الجيش السوري وحزب الله محاصرة البلدة وضربهم فيها بدل ملاحقتهم في الجرود الوعرة حيث يسهل التواري والإختفاء والتمويه، لكن كل تلك التحليلات والتوقعات تتبدد مع كلامٍ صادرٍ عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يؤكد فيه أن خيارات المسلحين في القلمون محصورة بثلاثة، أحلاها مرّ بالنسبة لهم.
فخلال اللقاء السنوي للسيد حسن نصرالله مع المبلّغين والعلماء، يؤكد السيد نصرالله في كلمته أن مسلحي القلمون يقفون اليوم أمام مأزقٍ كبيرٍ يتمثل في خوضهم لمعركة حياة أو موت، حيث يحاولون في كل يوم خوض معركة تمكنهم من السيطرة على مكان يمنحهم القدرة على إستعادة قوتهم ويحميهم من البرد والظروف القاسية التي تفرضها عليهم الجرود.
ويضيف السيد نصرالله أن معركة القلمون تسببت بضربات موجعة وجهها حزب الله للمجموعات المسلحة التي لم يكن من مصلحتها خوض تلك المعركة في الجرود، والتي لم تعد في موقع تحقيق الإنجاز أو التقدم، بل على العكس، المسلحون اليوم في موقع الضعف، فهم محاصرون والخيارات أمامهم ضيقة تقتصر على ثلاثة إحتمالات، إما رمي السلاح والإستسلام، وإما الموت خلال مواجهة عسكرية، أو بسبب الجوع والبرد لو قرروا البقاء في الجرود.
كلام السيد نصرالله يأتي بناءً على وقائع ومعطيات ميدانية تشير إلى إنعدام الحلول أمام المسلحين، فمن الناحية اللبنانية يطبق حزب الله والجيش اللبناني قبضتهما على إمتداد كامل الحدود الشرقية مع سوريا بما فيها كافة المعابر والمنافذ، فيما يقوم الجيش السوري بالأمر نفسه من الناحية السورية ، وبين الجانب السوري والجانب اللبناني، مئات الكمائن والنقاط المتقدمة التي توقع وبشكل يومي عشرات القتلى في صفوف المسلحين الذين باتوا يعجزون حتى عن التحرك بشكل مريح او علني دون أن يتم إستهداف تحركاتهم بالكمائن او القصف المدفعي والجوي.
كل ذلك في وقت يحظى فيه الجانبين السوري واللبناني بجبهة خلفية متينة كالبقاع اللبناني وقرى القلمون والريف الغربي لدمشق التي يسيطر عليها الجيش السوري ما يعني أن فتح ثغرة من قبل المسلحين عبر الهجمات أمر مستحيل، يتحول إلى إنتحار عسكري يشكل خياراً من الخيارات التي تحدث عنها السيد نصرالله والتي قد تشير إلى حتمية إندلاع المعارك وإمكانية سقوط شهداء لكن ذلك يبقى في إطار الحرب التي تتضمن تقديم التضحيات دون تغيير في الصورة العامة للحرب، وهذا دفع السيد للتأكيد خلال اللقاء على أن المسلحين  "اعجز من ان يستطيعوا احتلال اي بلدة من بلدات البقاع الشمالي"،ليتبقى أمامهم خيارين إما الإستسلام أو الموت في الجرود الباردة دون طعام أو مأوى.
هي مسألة وقت لا أكثر، فمع ضيق السبل وإنعدام الحلول أمام المسلحين، وبناءً على كلام السيد نصرالله الأخير تصبح جبهة القلمون "وراء الظهر"، معدومة المفاجآت المصيرية التي قد تبدل المشهد العام وخارج حسابات حزب الله الذي بات يراهن على الوقت ومراكمة الضربات المؤلمة، الكفيلة برفع راية النصر وإعلان نهاية المعركة مع الإنتهاء من ظاهرة مسلحي الجرود. وفي الوقت الذي تطرح فيه جبهة شبعا كجبهة رديفة للقلمون قد تشكل خطراً جديداً على الحدود الشرقية- الجنوبية وتبدل بعض الحسابات، فإن السيد نصرالله لا يغيب عنها بدوره، وإذ لا ينفي أهمية هذه الجبهة  وحساسيتها، يؤكد السيد خلال اللقاء كما أكد أمام جمهور المقاومة في عدة مناسبات سابقة، "أن حزب الله حاضر وقادر على خوض معركة على كافة الجبهات ومع كافة الأعداء في وقت واحد، وسيكون المنتصر فيها."