الزمن العاطل؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

الزمن العاطل؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢١ أكتوبر ٢٠١٤

امرأة في القرية أو في المدينة، حين تقول: (الله يخزي هالزمن العاطل) تكون حالتها بالويل، وروح أنوثتها بلا حيل، ونهارها متورط بالليل؟!
لماذا نتهم الزمن؟! لأننا نخشى أن نتهم عيوبنا، أو لأنّ حرقة الآهات أكبر بكثير من طاقة اللحظات.. أو لعل الأعباء الروحية والغلاظات تتجرأ على ألفاظنا ونطقنا وتقفل التعابير.. الزمن لا يشغل باله أن يتهم عشاقاً، لأنهم فاشلون، أو لا يعاهدون قلوبهم.. ولا يعنيه أنّ فلاحاً نسي بستانه بلا مطر، أو أنثى أخذتها الأوهام بعيداً عن حقائق عطرها وحبها وحبرها وسطر.. الزمن، حين يفشل في أن يكون إنسانياً يصبح وحشياً وبطشاً، وتفاهات وحروباً وأفكاراً مظلمة مثل (قن دجاج) (ما فيه سوى الثعلب والليل..).
هذا ما يحصل في هذا الزمن الأميركي المغترب عن أسفه وأساه وإنسانه.. وجعه ليس عاطفياً أو وجدانياً.. إنه وجع الكوارث والفجائع والمجازر والتقطيع والتقسيم والتشويه.. زمن يقوده الموت من موت إلى موت، ومن قاتل إلى قاتل ومن مقتول إلى مقتول ومن وحوش إلى وحوش..
زمن عطّال بطّال.. وهذا يعني أنّ إنسانه مثله عطّال بطال.. و(العطالة والبطالة) حرفتان تافهتان وقسريتان: عاطل عن العواطف، أو الرؤى أو الحنين أو الحلم أو الحياة.. ليست هواية أو شهية.. إنما القسر هو الذي يرغم الجميع على العطالة.. والبطالة؟!
العاطل في التعريف البسيط، المتوقف عن الخير والآمال والأحلام والمسيء.. لا يوجد عاطل، وفي نفس الوقت يبدع أشواقاً، ويؤلف علاقات جميلة، وأمكنة حلوة وأزمنة متفائلة..
زمن مجرم قدمته حضارة الأشرار من ذاك الصوب الغربي ومن هذا الصوب التتري والخزري والمعتم.. قدمته كما يقدم عريف حفلة مطرباً: هذا الفنان الكبير الذي ماله نظير.. وحين يطلق صوته، يظن السامع أنه في حفلة شخير ونفير وصراخ وصفير؟!
زمن فاسق.. فاحش.. قاتل.. مجرم.. ربته السيدة أميركا والسيدات الملحقات بها.. يخون ويبيع الضمائر ويهدم المصائر والمنائر.. ويزرع قروداً ويؤلف جروداً.. ويسفه أحلام الناس.. ويجعل العقول تحت المداس.. ولأنّ حضارة الشر مقتدرة، في كلّ جريمة ومجزرة وحرب وتدمير، تُقدّم الزمن على أنه مطرب الأزمنة.. وسيدها وأحسنها.. وحين ينطق ويعبّر عن نفسه يظهر بشعاً، لأنه يشبه الأشرار الذين احتضنوا وتعاونوا مع قبحه وقتله وأقداره المفخخة والمجرمة..
نسيوا أزمنة الخير والبهاء البشري.. وتحولوا مع زمنهم إلى قاتلين ومزورين ومهلكين..
لم يتركوا لحظة على كتف حالم إلا سرقوا واغتصبوها.. صارت البشرية رهن زمن عاطل وأميركا عاطلة وحضارة عطالة بطالة.. لكن.. ما رأيكم بـ لكن التي عندها زمنٌ متنور وإنساني؟!