داعش تلعب بين اردوغان وأوباما

داعش تلعب بين اردوغان وأوباما

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٥ أكتوبر ٢٠١٤

ما زالت "كذبة" داعش ومؤامراتها تتوالى فصولًا، فهي كالحية في عز القيظ، تتلوى لتلدغ في المكان المحدد وفق التوصيات والإستهدافات والمشاريع المرسومة.

أماط الأتراك اللثام أخيرًا عن حقيقة داعش ودورها ومشروعها، المرعي منهم مباشرةً، ومن الأميركي مداورةً، فخرجت الخرائط المرسومة استنادًا الى الدور والمشروع، وجرى الإعتراف بالعلاقة ومستويات التنسيق، وجرى الكشف وفقًا للخرائط عن المشروع الأصلي لتمدد داعش بين دجلة والفرات، أي السيطرة على الأنبار والموصل لبلوغ عدة أهداف في آن، هي:
أولًا: الإستيلاء على جزء هام من النفط العراقي وبيعه عبر التركي، لتأمين مداخيل للطرفين، فيعوض التركي خسائره التي مني بها جراء سوء علاقته بسوريا والعراق ودول عربية أخرى، وتوفير التمويل اللازم لداعش والإستغناء عن الدعم المالي المرشح للإنقطاع جراء القرار الأممي من جهة، ولكي لا تبقى خاضعة لمزاجية الممول وتقلباته التي قد تقتضيها المرحلة القادمة من جهة أخرى.
ثانيًا: تأمين احتياجات "إسرائيل" النفطية، برز ذلك خلال العدوان على غزة حيث كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تتزود بالوقود من تركيا.
ثالثًا: قطع الطريق على وصول النفط والغاز الإيراني الى كل من سوريا والعراق عبر قطع طرق الإمداد.
رابعًا: منع ايران من إيصال طاقاتها النفطية والغازية الى شواطىء البحر الأبيض المتوسط.
خامسًا: تقزيم الدور والنفوذ الإيرانيين في العراق تسهيلًا لعملية التقسيم وضرب محور المقاومة.
سادسًا: فتح الطريق أمام إيصال الغاز القطري الى أوروبا ومنافسة الغاز الروسي.

الولايات المتحدة لم تزعجها هذه العناوين، ما أزعجها خروج داعش عن الخط وتحوّلها من علاقة تبعية الى مشروع خاص، دفع ذلك الولايات المتحدة لتشكيل التحالف الدولي لهز العصى وإعادتها الى جادة الصواب وبيت الطاعة الأميركي، المشروع الأصلي الذي ينبغي على الجميع الإلتزام به في المنطقة هو المشروع الأميركي، وكل مشروع آخر سواء أكان تركيًا أو قطريًا أو حتى سعوديًا ينبغي أن يتّسق مع المشروع الأميركي لكي يسمح له بالسير، لذلك لجأت الولايات المتحدة الى أسلوبي ضغط لإعادة الأمور الى نصابها، الضربات العسكرية الإستعراضية، فكانت بمثابة رسائل لداعش اكثر مما هي عمل ميداني فعلي، بدليل أنّ التحالف الدولي يعلن انه قام بآلاف الغارات في حين ان داعش تتوسع، وورقة الضغط الأخرى التي استخدمتها الولايات المتحدة ما كشفه نائب الرئيس جو بايدن من أنّ تركيا وقطر والسعودية والإمارات يمولون الإرهاب بشكلٍ عام وداعش والنصرة بشكلٍ خاص، رغم الإعتذار عن الأسلوب غير الدبلوماسي، لكن ما أُعلن كان قد أعلن وأدى مفاعيله ووصلتهم الرسائل.

ضربت داعش في اربيل وكركوك التي كادت أن تسقطهما لولا التدخل السريع، ازعج ذلك الأميركي لأنه طال الحليف الكردي، وجاء خارج سياق أهداف الخطة الأميركية، لذلك قررت داعش التحول باتجاه عين العرب لخدمة الحليف التركي الطامح لكسر كرد شمال سوريا ولتحقيق عدة أهداف هي:
أولًا: فصل أكراد سوريا عن أكراد العراق وأكراد تركيا وإقامة منطقة عازلة بينهم.
ثانيًا: الإنتقام من أكراد سوريا باعتبارهم موالين للنظام السوري بحسب التوصيف التركي.
ثالثًا: السيطرة على عين العرب كونها منطقة زراعية هامة تشكل سلة غذائية كبرى للمنطقة، ولاحتوائها على آبار نفط يمكن استخراجه وبيعه، ولكونها تتميز بعناصر إستراتيجية إضافةً الى النفط، منها المحاذاة للحدود التركية، والإتساع بحيث تبلغ مساحتها حوالي الخمسة آلاف كيلو متر مربع.
رابعًا: وضع اليد التركية على منطقة استراتيجية تحمل رمزية خاصة بالنسبة للكرد، وفي نفس الوقت ورقة مساومة بوجه النظام السوري فيما لو تمكنت تركيا من الإستيلاء عليها من خلال داعش، لتوظيفها في مشروع المنطقة العازلة وحظر الطيران.

خامسًا: سيوفر استيلاء داعش على منطقة عين العرب مساحة أمان لها بحماية تركية، تلجأ اليها اذا ما ضاقت بها السبل في العراق.
لم يسبق في التاريخ الحديث أن تكوّن تحالف يضم أكثر من 60 دولة ضد تنظيم عجز عن دحره، يشهد على ذلك تجارب كل من يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وهي دول تمتلك جيوش وبنى تحتية اقتصادية وعسكرية وما الى هنالك من مقومات الدول.

ما زال المشروع الداعشي التركي يسير بخطى وئيدة، سواء في سوريا او العراق، قد يتعارض أحيانًا مع بعض التوجهات الأميركية لكنه يعود الى الإتساق، فالولايات المتحدة لم تجد في سقوط عين العرب ما يشغل البال، فهي ليست القضية اذا كانت ترضي حليفها رجب طيب اردوغان، والولايات المتحدة تدرك بأنها قادرة على إعادتها الى بيت الطاعة ساعة تشاء، وإعادة الإنتظام العام للمشروع الأصلي الذي اوجدت لأجله، تقسيم العراق وسوريا، وطرد النفوذ الروسي، وإضعاف النفوذ الإيراني، كل ذلك يأتي كمقدمة لإعادة احتواء المنطقة بالكامل، ومن ثم إعادة تركيبها مجددًا بما يتلاءم مع المصالح الأميركية الصهيونية.