من شبعا إلى «عين الساعة»: المعركة الواحدة..بقلم: غسان جواد

من شبعا إلى «عين الساعة»: المعركة الواحدة..بقلم: غسان جواد

تحليل وآراء

الخميس، ٩ أكتوبر ٢٠١٤

لا يحتاج المراقب النبيه كثيراً من النباهة، حتى يجد ترابطاً عضوياً بين الهجوم الذي شنَّته «جبهة النصرة» على موقع «عين الساعة» الأحد الماضي، وبين إعلان «المقاومة الإسلامية» رسمياً استهداف آلية إسرائيلية على الاراضي المحتلة في مزارع شبعا.
المواجهة مفتوحة، و«حزب الله» ينظر الى معركته مع المجموعات التكفيرية، على أنها جزء من «المشروع الاسرائيلي» في المنطقة، وعليه، فقد قرَّر الرد على هجوم «عين الساعة» بنحو مباغِت يوصل للإسرائيلي وأعوانه من الجماعات المسلحة رسائل محمّلة بمضامين كثيرة، أهمّها:
- تأكيد خطاب وسلوك جديد لـ«حزب الله» في مواجهة العدوان الذي يستهدف لبنان على الحدود مع سوريا، والرد على الترابط القائم بين اسرائيل والجماعات التكفيرية الذي ظهر في أكثر من موقع، خصوصاً بعد التطورات الاخيرة في منطقة الجولان السوري.
- الرد على مقولة أنّ «حزب الله» مستنزَف في سوريا وعلى الحدود الشمالية، وأنّه لم يعُد قادراً على مواجهة إسرائيل أو فتح جبهتين في آن معاً، علماً أنّ الحزب يتعاطى مع المعركة على أنّها «معركة واحدة» وعليه تُصبح الجبهة الممتدة من شبعا إلى بريتال «جبهة واحدة» يقف خلفها عدوّ واحد.
- العملية جزء من حساب مفتوح بين المقاومة وإسرائيل، وردّ على التهديدات التي أطلقها رئيس اركان الجيش الاسرائيلي بيني غانتس بإعادة لبنان ثمانين عاماً الى الوراء، وهي رسالة معنوية تؤكّد أنّ معنويات المقاومة مرتفعة وأنّها جاهزة للردّ على أيّ عدوان، بحيث لم «ينخفض» مجهودها الحربي في وجه الاسرائيلي جرّاء معركتها في سوريا.
بناءً على هذه القراءة، يبدو أنّ المرحلة المقبلة سيكون عنوانها «ايلام الاصيل»، وعدم التورط في قواعد حرب استنزاف طويلة في وجه المجموعات التكفيرية. وهذا العنوان تناقشه قيادة المقاومة منذ مدّة، والقرار المتَّخذ هو الرد على «الرأس» عند كلّ تجاوز يقوم به «الذنب»، على غرار ما حدث الاحد الماضي.
هذا مع العلم بأنّ «حزب الله» سيطر على موقع «أُم خرج» الذي ذكره بيان «جبهة النصرة» وقال إنه كان منطلقاً للهجوم على موقع «عين الساعة». وهذا الموقع هو على ارتفاع 2300 متر على تلة استراتيجية تشرف على بلدات عسال الورد والخشعات والجبة، وقد تمكّن مقاتلو الحزب من طرد المسلحين من المنطقة التي كانوا يستعملونها في هجماتهم ضد المناطق اللبنانية، فتكون بذلك قد شلّت حركتهم في تلك المنطقة.
من المتوقع أن تكون لعملية المقاومة في مزارع شبعا ردود فعل داخلية. وقد بدأ فريق «14 آذار» يطرح موضوع المقاومة وسلاحها مجدّداً للنقاش، وهذا أمر متوقّع أن تردّ عليه مصادر وازنة في قوى «8 آذار» بالقول «إنّ جانباً من جوانب عملية المقاومة أراد تأكيد شرعية أيّ عمل عسكري ضد الاحتلال في المزارع المحتلة، وكلّ الصراخ والحملات ضد سلاح المقاومة منذ أعوام لم يُغيّر شيئاً في واقع أنّ هذه المقاومة موجودة وحاضرة ولديها رؤيتها لطريقة الدفاع عن لبنان وإدارة النزاع مع العدوّ والتعامل مع المخاطر المحدقة بالجمهورية».
في الجانب المتعلق برَدّ الفعل الاسرائيلي، ترى المصادر أنّ اسرائيل لن تجرؤ على شنّ أيّ عمل عسكري الآن ضد لبنان مباشرة، لكنّها توقّعت أن يردّ الاسرائيلي بنحو غير مباشر، وذلك من خلال زيادة الدعم اللوجستي والاستخباري للجماعات التكفيرية، وربّما تحريك خلايا متطرّفة وأجندات تهدف دائماً إلى «الفتنة» وتفجير لبنان في وجه حزب الله الذي يُدرك جيّداً هذا السيناريو ونجح في تفاديه مراراً.