للعيـد طعـم الأمـل.. ونكهـة الإصرار على الـفـرح

للعيـد طعـم الأمـل.. ونكهـة الإصرار على الـفـرح

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٧ أكتوبر ٢٠١٤

للعيد صلوات صادقة ودعوات مستجابة ..و رمزية العيد لم تعد كما كانت فالعيد الأكبر الذي ينتظره السوريون هو عودة الأمن والأمان إلى بلدهم وهو ما يطمحون له من خلال أمانيهم التي ترجو السلام، ففي كل حنجرة غصة تقف في وجه فرح العيد المنتظر... لم يعد الأطفال يعيشون طقوس العيد وإن حضرت بخجل ملابسهم الجديدة زاهية الألوان، فالخوف والرهبة والحزن جعل بعضهم يعتكف في منازله لكي يكون أكثر أمناً هذا ما قالته والدة أحد الأطفال عندما سألناها عن أطفالها الذين يتسوقون معها وينظرون إلى العيد ومباهجه نظرة ترقب وحذر.

بأي حال عدت يا عيد؟
سؤال طرحه الجميع وتلوع  في البحث عن إجابته، فما شاهدناه في  مدرسة عكرمة في حمص أدمى قلوبنا وجعل أطفالنا يشعرون بالآخرين ولاسيما أن الأمهات شعرن بالأمهات الثكالى اللواتي كن ينتظرن  أطفالهن  بعد عودتهم من مدارسهم قبل يوم العيد، العيد الذي حضّروا له زينتهم وملابسهم  لكنهم غدوا أرواحاً تطوف حول مدارسهم فتركوا أقلامهم ولونوا بدمائهم دفاترهم وكتبهم التي تعلموا منها ألف باء الوطن.. كانوا فداءه في لحظة غدر أعلنها الإرهاب لكي يقطف زهرة ربيعهم باكراً بل باكراً جداً.
يبتهجون رغم الألم
تجدهم في العيد يغمرون ألعابهم ويلبسون الملابس الجديدة زاهية الألوان ولأن الأعياد اقتصرت على الأطفال  تجمعوا في أمكنة مخصصة لعيدهم في باحات الألعاب في الصالات التجارية.
فاطمة مشرفة على المرسم الذي وضعه إداريو أحد المولات كي يتسنى للأطفال الذين يخافون من الألعاب العنيفة أن يرسموا بالجبس ويلونوا رسوماتهم ويأخذوها معهم ليزينوا بها جدران منزلهم، فأكثرهم من الفتيات اللواتي يرسمن فلة وسالي وغيرهما، هذا ما قالته المشرفة وبينت أن مبلغ مئتي ليرة سورية سعر رمزي لشراء لوحة وتقضية وقت كاف يلون  فيه الطفل وهو ما يشجع مواهبهم في الرسم والتلوين ويفسح المجال أمام مخيلة الطفل إلى أفق أوسع وأرحب، وفي حال أي نقص في اللوحات  لشدة إقبال الأطفال نلبي طلبهم من رسومات  محببة لهم.
محمد تكريتي - طالب في الصف الثالث رأيناه يرسم بلهفة وحب صورة بطله المفضل (بنتن) وقد أحب أن يشارك ويرسم لوحته ليصطحبها معه ويريها لأصدقائه، فهو يحب الرسم وسيصبح رساماً عما قريب، ويقول لجميع الأطفال: كل عام وأنتم بخير.
مرايا وطن
اتشحت الوجوه بالسواد وبالحزن كذلك القلوب فهي مرايا الوطن، فأبناء هذا الوطن أبوا أن يتركوه وحيداً، فخاضوا غمار الحياة رغم الألم والخوف المحدق بهم، فيسارع الأهل إلى بعث الفرح في نفوس الأطفال لترتسم الابتسامة رغم الحزن، فالعيدية وبعض النقود في الجيب - وهي عادة متوارثة - تخلق جواً من الألفة والتقرب من الآخر، اعتادها الأطفال كي يدخروها ويلعبوا بألعابهم المفضلة من أراجيح العيد وغيرها، ليتنقل الفرح بين الأطفال فكأن العيد مثل التثاؤب ينتقل بالعدوى لجميع الأطفال.
قيمة الفرح 
لم ندرك  معنى دعواتنا حين نقول لبعضنا  كل عام وأنتم بخير لأنها تخرج من شفاهنا عند حلول الأعياد والمناسبات الخاصة ولكننا عرفنا  المعنى الحقيقي لها حين تلونت حياتنا بدم شهدائنا وتعطرت ذاكرتنا بأخيلتهم،  إنهم براعم سورية وملائكتها التي  تتصاعد يوماً بعد يوم ولا ذنب لها إلا أنها جمعت براءة العالم واختارت أن تكمل الحياة على أرض بلادها التي يطعنها الإرهاب من كل حدب وصوب ولا مفر من طعناته إلا الفرح والإصرار على الحياة والدفاع عن حق الحياة.