سيناريو التدخل العسكري التركي بين التهويل والممكن

سيناريو التدخل العسكري التركي بين التهويل والممكن

تحليل وآراء

السبت، ٤ أكتوبر ٢٠١٤

تهيئ الجو في "أنقرة" قبر الجد يناديكم، فهلموا لرفع أياديكم، وباركوا لحشد انكشارييكم، على هذا الأساس تحرك الفريق "الأردوغاني" العثماني من أجل الحصول على قرار من البرلمان التركي بتفويض الجيش إجراء عمليات عسكرية ضد "داعش" في كل من سوريا والعراق، وقد تم ذلك بموافقة /289/ عضواً، كما يمنح هذا القرار السماح بنشر قوات أجنبية في الأراضي التركية.
قبر سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية التي عانت شعوب المنطقة من ممارساتها الشعوبية والطائفية والمذهبية يقع في سورية بالقرب من الحدود التركية، وهو حالياً تحت سيطرة تنظيم "داعش" الرقة وشرقي حلب هي مسرح العمليات المعتمد لتدخل عسكري تركي محتمل، ولا يعني صدور القرار عن البرلمان التركي أن الجيش التركي سيكون غداً في الأراضي السورية، لكن أردوغان بكل الأحوال ضد ضمن ورقة دستورية في الداخل التركي للقيام بذلك في أية لحظة.
ومن المعلوم للرأي العام العربي والإسلامي وحتى العالمي بأن الرئيس التركي الحالي "رجب طيب أردوغان" لديه مطامح شعوبية قومية ومذهبية، فضلاً عن أحقاد شخصية لتصفية حساباته مع خصومه، وهو من أبرز الدعاة لإسقاط الدولة السورية وشخصنة الحرب باتجاه السيد الرئيس "بشار الأسد".
عند تهديد واشنطن لدمشق بتوجيه ضربة جوية لها على خلفية ملف السلاح الكيماوية ثم تراجعها عن ذلك، نادت "أنقرة" بأعلى صوتها أنها على استعداد للمشاركة في ضربات جوية على سورية لكن شرط أن تكون ضمن حلف لدول الناتو لا لوحدها فقط، لم تكن هناك جرأة كافية لدى أنقرة للتورط بضربات جوية حتى لو قامت بها أمريكا آنذاك، فما الذي تغير إذاً؟.
 وللمفارقة فإن الطيران الأمريكي و الغربي بات يشن ضربات جوية على أهداف داعشية في سوريا لكن الطيران التركي لم يشارك بها.
في الفترة التي كانت تنوي واشنطن توجيه ضربة للدولة السورية بسبب السلاح الكيماوي لم تكن فكرة ما تُسمى بـ" الدولة الإسلامية" قد نضجت بعد على الرغم من أن "داعش" قد ظهرت آنذاك، ولم يكن قبر " سليمان شاه" ليُذكر على وسائل الإعلام كما الآن، بالتالي فإن ما تُسمى بدولة الخلافة وتهديدها للقبر ماهو إلا تعاون مع الفريق الأردوغاني من أجل خلق سبب مقنع لتدخل تركي عسكري في سوريا، ولن يكون ذلك السبب مقنعاً إلا إن كان على خلفية قومية ورمزية بالنسبة للكثير من الأتراك المتعصبين لانتمائهم الشعوبي والمذهبي تحديداً.
 كيف ستكون ردة فعل الروس والإيرانيين من أي تحرك عسكري بري باتجاه الأراضي السورية؟، وهل ستقوم أمريكا بالإيعاز لقوات الناتو من أجل انتشار قوات مخصصة لتلك الغاية على الأراضي التركية وبالقرب من الحدود السورية؟، كيف ستكون ردة فعل القيادة السورية في حال حدوث ذلك الاعتداء؟، أما بالنسبة للرأي العام الداخلي التركي لا سيما المعارضين والأقليات كيف ستكون ردة فعلهم هل ستكون المظاهرات المنددة كافية لوقف التدخل العسكري أم ستشتعل ساحات تركيا مجدداً رفضاً لتوريط الأتراك بحرب تقليدية مع سوريا.
هل ستكون هناك اتفاقية دولية وإقليمية بوجود الروس والإيراني كوسطاء عن الدولة السورية تسمح للجيش التركي بالدخول إلى المنطقة التي تضم القبر بهدف تحريره من عناصر داعش ثم انتشاله ونقله إلى داخل الاراضي التركية وبعدها ينسحب العسكر التركي نهائياً من تلك المنطقة؟، هي مجرد تساؤلات عن موضوع كثر الجدال فيه، لكن الأكيد أن لا مصلحة لأحد بتحويل الأمر إلى حرب تقليدية في وقت يحارب فيه الجميع من أجل مواجهة "داعش" كما يروجون.