"الأضحى"... بدماء «الأضاحي» من العرب!

"الأضحى"... بدماء «الأضاحي» من العرب!

تحليل وآراء

السبت، ٤ أكتوبر ٢٠١٤

صار العيد في موقع «الأمنية».. مع هذا نحتفل بالأضحى ولا عيد، فنحن الضحايا في قلب المشرق، سوريا والعراق ومعهما غزة كعنوان للدم الفلسطيني، وفي ليبيا وبعض تونس والجزائر امتداداً إلى العمق الأفريقي عبر اليمن الذي كان سعيداً.. ذات يوم. أما لبنان فمعلّق مصيره على تصاريف القدر.
يرفع ملايين المؤمنين الآتين من كل فجّ عميق أدعيتهم وقد تلاقوا من حول الكعبة المشرّفة في طلب الخير والصحة والأمان... بينما أشقاؤهم الذين لم تتح لهم الفرصة لأداء مناسك الحج يغرقون في همومهم «إسلامية» العنوان، استبدادية المضمون، تحت تغطية الطيران الحربي أميركي القيادة غربي الهوية، الذي يعيد إلينا «الاستعمار» بالطلب، ويعيدنا إليه تحت ذريعة النجدة وإغاثة الملهوف... ومكافحة الإرهاب.
لكن الأدعية لا توقف زحف «داعش» لأسلمة المسلمين، ولا توقف الجهد الحربي الأميركي ـ الغربي «لتحريرهم» ومعهم الدين الحنيف بالقصف العشوائي، بل إن الغرب بالقيادة الأميركية يتعامل معهم عموماً ومع العرب منهم خاصة وكأنهم شعوب قاصرة أنهكها «الاستقلال» وخرّبت حياتها «الحرية»، فصار لا بد لها من «وصي» يرشد خطاها إلى الديموقراطية التي حُرمت منها وسوف تُسقط عليها الآن من الجو.
ولعل المصادفات وحدها قد جعلت عيد الأضحى المبارك هذا العام يتزامن مع ذكرى آخر الحروب التي خاضها العرب لتأكيد وجودهم وحقهم في الحياة بكرامة فوق أرضهم التي يصادرها العدو الإسرائيلي (حرب رمضان ـ تشرين ـ أكتوبر 1973)، فعبرت جيوش مصر وسوريا الهزيمة مساندة بتعزيزات مؤثرة جاءت إلى الميدان من ليبيا والجزائر والمغرب كما من العراق وأقطار الخليج التي تقدمتها السعودية بقرارها المجيد بوقف ضخ النفط لإجبار الغرب (الأميركي أساساً) على وقف العدوان الإسرائيلي المفتوح، والمعزز على مدار الساعة بالمستوطنين المستقدمين من أربع رياح الأرض..
والمفارقات بين الموعدين جارحة، فها هم العرب «يصالحون» العدو بشروطه، ويعجزون عن حماية «دولهم» التي استولدتها الاتفاقات الدولية (سايكس ـ بيكو، ثم وعد بلفور) تاركة فلسطين رهينة لإقامة الفاصل الجغرافي بين عرب المشرق وعرب المغرب بدولة يهود العالم الذين استخدم الاضطهاد الغربي كمبرر لاستقدامهم إلى بلاد لم يعرفها أجدادهم فيأخذونها بقوة تحالف المستعمرين.
إنه عيد الأضحى المبارك، عيد التضحية بالأغلى تثبيتاً للإيمان، والمستقبل العربي، بأحلام الحرية والكرامة والوحدة، هو الضحية الآن، التي لا يخفف هدير أصوات الملايين بهتاف «الله أكبر»، من إيلامها لافتقادها حقوقها في حياة تليق بكرامة الإنسان.
إنه عيد الأضحى المبارك، والعرب، ومعهم غالبية المسلمين، هم الأضاحي، مشغولون عنه بهمومهم الثقيلة وقد ضاعوا معها عن يومهم وأضاعوا غدهم، واستعادوا «الاستعمار» بالطلب... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مع ذلك، لن نفقد الأمل بانتباه الأمة إلى واقعها المزري وانتفاضتها لتغييره، واعية أن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

وكل عيد وأنتم بخير.