مبادرة كيري.. حلقة جديدة من مسلسل التآمر على فلسطين

مبادرة كيري.. حلقة جديدة من مسلسل التآمر على فلسطين

تحليل وآراء

الخميس، ٢ أكتوبر ٢٠١٤

 إنعقد في عام 1897  بمدينة بال السويسرية المؤتمر الصهيوني الأول الذي انبثقت عنه المنظمة الصهيونية العالمية، والتي اعتمدت على مجموعة من الأجهزة لتحقيق حلمها الرامي الى تأسيس وطن قومي لليهود بأرض فلسطين. فأنشأت حينها "الوكالة اليهودية"  التي تشرف على تنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين واستيطانهم لها، ثم "الصندوق القومي اليهودي" الذي يقوم بشراء الأراضي الفلسطينية، كما تم تأسيس فرق عسكرية مسلحة تستعمل العنف ضد الفلسطينيين من أبرزها "الهاغانا".
وفي العام 1971 اصدرت بريطانيا وعد " بلفور" الذي التزمت من خلاله ببذل الجهود من أجل تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين مقابل مساعدة اليهود لبريطانيا في الحرب العالمية الاولى.
ومن جهة ثانية منح الانتداب البريطاني سنة 1920 للصهاينة عدة امتيازات من أهمها ضمان إنشاء الوطن القومي اليهودي، وتسهيل هجرة اليهود. وفي العام 1947 أصدرت هيئة الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين الأولى عربية فلسطينية والثانية يهودية صهيونية مع وضع القدس تحت النفوذ الدولي. و قد رفض الفلسطينيون وجامعة الدول العربية هذا المشروع الذي قبله الصهاينة، وبمجرد انتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين في منتصف أيار 1948 أعلن الصهاينة عن تأسيس "دولة إسرائيل" في الجزء المخصص لليهود حسب تقسيم 1947. ومنذ التأسيس قامت "دولة إسرائيل" على ثلاث أسس: العنصرية والإرهاب والتوسع.
من حرب 1948-1949 ( نكبة فلسطين) الى العدوان الثلاثي (الانجليزي الفرنسي الإسرائيلي) على مصر سنة 1956 بعد تأميم "جمال عبد الناصر" لقناة السويس، ومن حرب 1967 الى حرب أكتوبر 1973، حروب كبرى خاضها العرب والأنظمة التقدمية لتحرير فلسطين وصولا الى تأسيس منظمة التحرير الفلسطيني العام 1964 التي عملت على تعبئة الشعب الفلسطيني وإشراكه في الثورة المسلحة ضد الإحتلال الإسرائيلي .
سنوات طويلة مرت ولا تزال القضية الفلسطينية تعتبر الاهم في المحافل الدولية ولا يزال الشعب الفلسطيني يقاتل ويقاوم لإسترداد أرضه المغتصبة. وفي السنوات الأخيرة خاض العدو الاسرائيلي ثلاث حروب شرسة ضد شعبنا المحاصر في غزة (2008, 2012 ,2014) في سبيل تصفية القضية الفلسطينية بظل سكوت المجتمع الدولي وانحياز وتواطؤ اميركي.
تضمن رؤية كيري العمل على ثلاثة مسارات بصورة متزامنة ومتوازية، سياسية وأمنيّة واقتصادية، حيث وعد برزمة مشاريع اقتصاديّة، وتسربت أنباء مخادعة عن المليارات التي ستُصَب، وأعلن عن موافقة الرئيس عباس ونتنياهو على ذلك، وهذا يدل على تغير في موقف السلطة الفلسطينية السابق الذي كان يرفض التركيز على الإقتصاد خشية الانجرار إلى السلام الاقتصادي والذي دعا إليه نتنياهو منذ البداية.
رهان كيري أن العرب الآن في أسوأ أحوالهم في ظل الربيع العربي وتبعية العرب وتجزئتهم وتفتيت بلدانهم وانشغال كل بلد بشؤونه وصراعاته الداخليّة وقد نفهم التخاذل والتقاعس العربي واللامبالاة، لكن لا يمكننا أن نفهم الشراكة العربية المباشرة في التآمر على شعب يذبح أطفاله وتهدم بيوته وترمل نساؤه. والخطورة تكمن في استمرار لهاث الانظمة العربية وراء التوصل إلى حل من دون أن يملك العرب أوراق القوة التي تفرضه، مما يجعلهم مستمرين في مسلسل لا ينتهي من التنازلات والمفاوضات العبثية حيث تستخدم هذه القوى امكاناتها وطاقاتها للضغط على فصائل المقاومة للمشاركة بالتفاوض المباشر مع تعنت العدو على شعاراته لا تفاوض على القدس، لا لعودة اللاجئين، لا لوقف الاستيطان، وضرورة اعتراف الفلسطينيين بـ"يهودية الدولة".
يزداد الضغط على فصائل المقاومة مع اقتراب فصل الشتاء ووجود 400 الف فلسطيني في العراء ما يجعل قضية اعادة الاعمار ملحة وضرورية لصمود اهل القطاع، وقد قدرت حجم تكلفة الخسائر التي تعرض لها قطاع - بنحو 7.5 مليارات دولار أميركي وان تاخر التمويل العربي (السعودي –القطري-الاماراتي) والاقليمي (التركي) لاعادة الاعمار لا يمكن وضعه الا في خانة الضغط والابتزاز للحصول على تنازلات سياسية. كما ان استمرار اقفال معبر رفح من السلطات المصرية يوضع في نفس الخانة، ومع ازدياد حجم الهجمة على القضية الفلسطينية تزداد الضرورة لتوحيد القوى الفلسطينية على موقف سياسي واحد وصولا الى ادخال حماس في منظمة التحرير.
لقد كان واضحا منذ الأيام الأولى لتشكيل حماس حكومتها الأولى أن هناك معضلة أساسية لم تحل، ولم تفلح اتفاقيات المصالحة سواء في القاهرة أو مكة في إزالتها بل القناعة التامة ان شق الصف الفلسطيني هو جزء من خطة العدو لتصفية القضية ومن المهم القول أنه و في حال عدم اكتمال المصالحة بشكل عاجل بين فتح وحماس فإن معاناة الشعب الفلسطيني ستستمر تحت الاحتلال الاسرائيلي، وأن التوقعات المستقبلية للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي ستكون مفتوحة ولا يمكن التنبؤ بنتائجها.