منعاً لتسويقها كحرب صليبية واشنطن تحتاج للرياض

منعاً لتسويقها كحرب صليبية واشنطن تحتاج للرياض

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣٠ سبتمبر ٢٠١٤

خلال الحفل الكبير الذي تقيمه واشنطن للحرب على الإرهاب، يحضر المنسف السعودي بقوة على المائدة العالمية، دسم كامل يتمثل بدعم مزدوج واحد للحرب على "داعش"، وآخر لدعم الميليشيات المسلحة الأخرى في سوريا، استمرارية الحرب على دمشق شر لا بد منه وفق الفقه الوهابي، أي حل سياسي بنظر الرياض فإنه سيفضي إلى بقاء الرئيس بشار الأسد، بمعنى آخر خسارة النظام السعودي لحرب تكسير العظام وبداية دخولها في عهد الضعف وارتداد الإرهاب عليها..
لقد دعا وزير خارجية النظام السعودي سعود الفيصل إلى اتخاذ سياسات وقرارات حازمة لمواجهة الإرهاب الذي أصبح جيوشا بعد أن كان خلايا، وأصبح يستهدف دولا بعد أن كان يستهدف بؤرا، أما بخصوص الأزمة السورية فشدد على أن السعودية كانت ولا زالت داعمة "للمعارضة السورية المعتدلة"، ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية..
وحول القضية الفلسطينية تساءل الوزير السعودي "متى يتحرك المجتمع الدولي لإنصاف الشعب الفلسطيني وردع (إسرائيل) عن سياساتها التعسفية؟"..
لا شك أن كلام الفيصل يعكس مدى الخوف "السعودي" من ارتداد الإرهاب "الداعشي" المنبثق أساساً من الفكر "الوهابي" على أرض الحجاز، هي مفارقة لكنها حال الواقع، الرياض استعانت بآلاف المقاتلين الليبيين والمصريين والباكستانيين من أجل حماية حدود آل سعود من "داعش" عندما اقترب هذا التنظيم من معبر عرعر الحدودي، فكيف الآن و"داعش" موجودة بشكل أقوى مما سبق؟..
في ذات الوقت فقد لفت انتباهي ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال المقربة من الإدارة الأمريكية من وجود اتفاق "أمريكي ـ سعودي" مهد للضربات الجوية الجارية حالياً ضد "داعش" في سوريا، بعد أن تعهدت "واشنطن" بتدريب ما أسمته "المعارضة المسلحة المعتدلة" ووافقت على إزاحة "نوري المالكي"..
لم هذا الإصرار الأمريكي على مساعدة "النظام السعودي" في الضربات الجوية؟! هل تحتاج واشنطن لإبل من نوع ممتاز كي تقضي بها على "داعش" حتى تكون بحاجة إلى الرياض؟! ماهي القوة التي تتمتع بها الرياض كي تحتاجها واشنطن؟..
كل القصة أن الأمريكي وبخبث شديد يريد غطاءً عربياً وإسلامياً ذو صبغة مذهبية من أجل الحرب على "داعش" بحيث لا تُعتبر الحرب على التنظيم المتطرف وكأنها حرب صليبية يؤكد ذلك ما أوردته صحيفة الصنداي تايمز البريطانية المقربة من أجهزة الاستخبارات أنه لم يكن هناك أي سبب لأمريكا بأن تشعر بالأسى لغياب "فرنسا وبريطانيا" عن المشاركة في الضربات الجوية التي شنتها في "الرقة" لأن الأهم بالنسبة للبيت الأبيض هو مشاركة خمس دول عربية هي "السعودية والإمارات والأردن وقطر والبحرين"..
إذا يتضح مما سبق أن المنفعة متبادلة بحيث تحصل واشنطن على غطاء عربي وديني في حربها على "داعش" يحميها من تهمة قيادة حرب صليبية، وفي المقابل تحصل السعودية على خدمتين الأولى تتمثل في دفع الخطر "الداعشي" الذي يهددها فعلاً، والثاني وهو الأهم ضمان تدريب الجماعات المسلحة في سوريا تحت ذريعة اعتدالها، بحيث تضمن الرياض استمرار الحرب على الدولة السورية بالتوازي مع استمرار الحرب على "داعش".