تجديد الثقافة الإنسانية للفرد.. بقلم:هنادة الحصري

تجديد الثقافة الإنسانية للفرد.. بقلم:هنادة الحصري

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٤

هل قدر لنا نحن البشر أن تسحقنا الحياة، وتتعاضد مع الآخر؟! هل قدر لهذا الفرد أن يؤلمه آخر تحت ستار الوجود المشترك.
أصبحت كلمة ديمقراطية democracy تثير نزقي، فمنذ أن وعينا وتتردد على سمعنا هذه الكلمة سواء في الإعلام الغربي أو العربي.. أعتقد أنّ تحقيق الديمقراطية مازال يحبو في طريق شائك، طالما أنّ هناك هوة فكرية واضحة بين آراء الشباب وطموحاتهم وبين القدرة على التغيير في بنية الواقع. وبالعودة إلى أنها إحدى نظم الحكم التي تكون فيها السيادة للشعب، واجتماعياً هو أسلوب ممارسة المساواة وحرية الرأي وتحقيق العدالة الاجتماعية. وإذا عدنا إلى تاريخ الديمقراطية المزعوم فنجد أنّ بداياتها كانت في المجتمع اليوناني، حيث كان المجتمع ينقسم إلى طوائف لا تتمتع بحقوقها السياسية، إذ هناك طبقة الأحرار الذين لم يبلغوا مرتبة المواطنين، ولا تمارس سلطة الأحرار إلا فئة قليلة تمتلك هذا الحق، إضافة إلى أنّ القانون الإغريقي يشترط مشاركة الذكور فقط والأحرار منهم على أن يكونوا من ملاك العقارات ومن المشاركين في جميع الحملات العسكرية وإذا عدنا إلى آراء سقراط فهو يرى أنّ السياسة فضيلة لا يمكن مشاركة البنائين والاسكافيين والباعة المتجولين في خوضها.
أما أفلاطون في جمهوريته فقد اعتبر أنّ المشاركة في اتخاذ القرارات يجب أن تنحصر في أهل المعرفة وهم من النبلاء، إذ لا يمكن المساواة بين غير المتساوين، فكيف يمكن للديمقراطية أن تتحقق وهي مبنية على التفرقة الطبقية؟ وإذا اتجهنا إلى فرنسا دولة الحرية والديمقراطية الواهية وجدنا أنّ الثورة الفرنسية ومزاعمها عن الديمقراطية محض مزاعم، وإلا ما تفسير ضحايا المقصلة الذين فاق عددهم العشرة آلاف، وماذا عن ديكتاتورية نابليون وحكومة فيشي وكيف لديمقراطية أن تسود والقانون الفرنسي يشترط أن يكون الناخب من المالكين وله دخل معين؟! وإذا اتجهنا إلى اسبانيا فنرى أنّ الدستور يمنع على غير الكاثوليك الانتخاب بالإضافة إلى أنّ سكان إقليم الباسك يعانون من تهميش، حيث يمنع عليهم حق الاجتماع وحق تقرير المصير. ولا ننسى انكلترا التي تتبجح بالحرية و.... نجد أنّ بعض الوظائف محصورة في أتباع الكنيسة الانكليزية من ذلك رئيس القضاة وعمداء الكليات وفي النرويج يجب أن يكون الملك ونصف الوزراء من البروتستانت. أما أميركا التي احتلت العراق بحجة نشر الديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان فنجد أنّ قانونها يمنع تكوين أحزاب ذات مرجعية شيوعية... ولا ننسى اتهام الشيوعية باغتيال جون كينيدي فمثل هذه الديمقراطية المزيفة؟ وتحت شعار الديمقراطية مات الملايين ودمرت دول واحتلت أخرى، هل ننسى العراق والشيشان وفيتنام وأفغانستان؟ ولا ننسى الأموال التي دفعت لمساندة حملة أوباما الانتخابية والدعم اللوجستي الكبير الذي حظي به رغم القانون الذي يحظر دفع الأموال لمساندة الحملات الانتخابية.
أما ما يخصّ شعوبنا نحن، فعلى الذين يطالبون بالديمقراطية ممارستها أولاً ببناء ملامح التسامح وتقدير الآخرين واحترام آرائهم وهذا يتطلب بناء الإنسان أولا بدلاً من إلغاء الآخر إذا لم يكن يتوافق معنا بعد ذلك يمكن أن تنجح ديمقراطيتنا ولا ننسى فوكوياما الذي أقر بنهاية التاريخ وأنّ النظام الأميركي الليبرالي هو الشكل الأخير لتطور المجتمع ويدعو إلى اللحاق به، فما هذه الازدواجية القاتلة؟.