تناقضات أمريكية.. بقلم: صالح صالح

تناقضات أمريكية.. بقلم: صالح صالح

تحليل وآراء

الخميس، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٤

ضربت أمريكا بعد طول كلام وأخذ ورد، وتباين تصريحات مسؤوليها بين مؤكد وناف لقيام واشنطن بإبلاغ الحكومة السورية مسبقاً بأنها ستستهدف قواعد تنظيم داعش الإرهابي وبعضها موجود في الأراضي السورية…
مرت الهمروجة بطريقة المخاتلة الضبابية الأمريكية المعهودة، في محاولة  لطمس الحقيقة التي لا ترغب واشنطن بإعلانها جهاراً وهي أنها أعلمت سورية مسبقاً بما فعلت بطريقة مباشرة عبر المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، ومن ثم رسالة وزير خارجيتها جون كيري الى وزير الخارجية السيد وليد المعلم عبر وزير الخارجية العراقي.
في الحالتين كانت النتيجة واحدة وهي تثبيت حالة الإعلام المسبق وتحديد مواقع الأهداف وهذا هو الأساس فيما حدث.
المهم في الموضوع أن الضربة الأمريكية جاءت بعد طول جعجعة وتهديد ووعيد مما أعطى الإرهابيين الفرصة الكافية لأخذ الحيطة وإخلاء مواقعهم الأساسية وتوزيع مجرميهم وإخفائهم مع أسلحتهم وعتادهم، وهذا بحد ذاته يجعلنا نشك بكل ما تفعله الولايات المتحدة، لأن تجربتنا مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ أكثر من نصف قرن مريرة بالمراوغة والكذب والخداع والتضليل.
ما تفعله القوات الأمريكية بضرب مواقع الإرهابيين، يقوم به الجيش العربي السوري فعلياً منذ ثلاث سنوات بتصديه البطولي لهؤلاء القتلة والمرتزقة بمختلف أشكالهم ومشاربهم نيابة عن العالم.
أمريكا وحلفاؤها يعرفون ذلك جيداً ويتعامون عنه بشكل مقصود حتى لا يعترفوا بدور سورية المحوري وفضلها عليهم بمنع الإرهابيين من مد أذرعهم الى العمق الأوروبي وصولاً الى أمريكا نفسها.
ما فعلته واشنطن بضرباتها ليس أكثر من محاولة لإعادة ترويض الوحش الذي احتضنته وربته وأطلقته لينهش من لا ترضى عنه في المنطقة، لكنه عندما أفلت من عقاله ولم يلتزم بمهمته، وبدأ يتصرف وفق مزاجه الخاص وينهش الأصدقاء المقربين والحلفاء، وهذا لا يمكن تبريره لهم، فكانت مسرحية الكوميديا السوداء، التي جمعت في حلف واحد تيارات متصادمة في المنطقة أولهما التيار التركي القطري ذو الصبغة الإخوانية والتيار السعودي المصري المتناقض معه الى حد التصادم والمواجهة المباشرة.
النتيجة أن للكل دوراً وظيفياً عليه أن يؤديه وإلا سيحرم من بركات الحماية  ويخرج من جنة الرضا الأمريكية إذا ما فكر مجرد التفكير برفض دوره أو الاعتراض على حجمه وفاعليته وإلا فالعصا لمن عصا أوامر أسياده.. هذا هو القانون الأمريكي وما عليهم إلا الحمد والشكر والرضوخ …!