«داعش» وظيفة واحدة وعدة أدوار

«داعش» وظيفة واحدة وعدة أدوار

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤

 لـ«داعش» الذي أوجدته الولايات المتحدة الأميركية ككيان وتركيا التي قدمت له الدعم اللوجستي استقبال المتطوعين وتوصيلهم إلى الحدود السورية والعراقية والسلاح ومراكز التدريب وتصريف النفط المسروق له وظيفة محددة وهي إعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة على أسس الخطوط المذهبية والإثنية والطائفية تنهي مفعول خريطة سايكس بيكو عبر التفكيك والتركيب.
أما الأدوار فهي:
1 – خلق حالة من الهلع على الساحة والمنطقة والعالم من وحش لا حدود لطموحاته.
2 – الضغط على دولتي إيران والسعودية للانخراط المباشر والانتقال من الحرب الإقليمية الباردة إلى حروب ساخنة أو الاتفاق كما ترغب الولايات المتحدة الأميركية: كتب غريغوري غوس الباحث في مركز بركنجز: لعلّ أفضل صورة توضّح السياسات الدولية في الشرق الأوسط هي حرب باردة تلعب فيها إيران والمملكة العربية السعودية أدواراً رئيسية. فهذان الفاعلان الرئيسيان لا يتواجهان عسكريّاً، بل يتسابقان على النفوذ في الأنظمة السياسية الداخلية في الدول الضعيفة في المنطقة .
3 – قطع خط الطاقة الواعد في المنطقة والذي يمتد من روسيا عبر إيران إلى العراق وصولاً إلى سورية ومنها إلى العالم الغربي والمساومة علية لاحقاً.
4 – نقل البقية الباقية من الإرهاب العالمي إلى المنطقة وبخاصة من أوروبا.
5 – تعزيز الإسلام فوبيا في العالم وتقديم صورة بربرية وهمجية عن الإسلام.
6 – الاستمرار في تصفية الوجود المسيحي في المنطقة.
7 – إطلاق عملية تسوية للمنطقة عامة والصراع العربي ـ «الإسرائيلي» بعد أنهاك الجميع الأعداء والحلفاء وحساب نقاط القوة والضعف للقوى الدولية والإقليمية المشتبكة على أرض الواقع لتؤمن الولايات المتحدة الأميركية من خلالها أمن «إسرائيل» وإعلانها دولة يهودية وتحافظ على مصالحها الإستراتيجية.
8 تمكين المعارضة السورية على الأرض بما يسمح وفرض التسوية بعد فشل مؤتمر جنيف.
هذه الوظيفة والأدوار لداعش تأتي في سياق تنفيذ الرؤية الاستراتيجية للرئيس الأميركي أوباما الذي دشن مرحلة جديدة في السياسة الخارجية الأميركية القائمة على عدم الانغماس المباشر بالحروب والنزاعات والاعتماد على الوكلاء والأجراء والحروب الناعمة والاستفادة من فائض القوة العسكرية والتكنولوجية، وبالتالي التحضير لمرحلة جديدة من سماتها خوض حرب كونية جديدة الفوز بها بالنقاط ومن نتاجها رسم خريطة جديدة للعالم تتجاوز ما نعرفه من خرائط جيوبولتيكية… من دون تجاوز ثوابت الإدارات الأميركية في المنطقة القائمة على السيطرة والحفاظ على منابع وتدفق الطاقة وضمان أمن واستمرار وجود «إسرائيل».
في حروب الوكالة من الطبيعي للاعبين الإقليميين والمحليين أن يتمتعوا بهامش من الارتجال الذي يتوافق مع مصالحهم وتطلعاتهم لأدوارهم ولشرعنتها لجمهورهم لدرجة أحياناً الخروج عن النص الأصلي مما يدفع المخرج الأميركي للتدخل وإعادة الأمور إلى نصابها إما عن طريق الأمر كحالة دول الخليج أو النصح واستخدام سياسة دع الثور يصطدم بالحائط كـ«إسرائيل»: وهذا ما شاهدناه في الحرب الأخيرة على شعبنا العربي الفلسطيني في غزه واليوم تنتظر الإدارة الأميركية سقوط اليمين المتطرف الذي يقوده نتنياهو والتعاون مع الحكومة الجديدة في بلورة التسوية الأميركية للصراع العربي – «الإسرائيلي».
تركيا المتخبطة في حساباتها الاستراتيجية والتي وصلت إلى مئة في المئة مشاكل تريد الاستثمار في داعش لمصلحة مشروع مناطق عازلة، تنتظر الإدارة الأميركية استنفاذ حاجاتها من أردوغان وحكومته.
اليوم والمشهد الدولي يصل إلى ذروة الاستقطاب وفتح صفحة جديدة في هذا المخاض انطلاقاً من الحرب الدولية على الإرهاب والفيصل في قرار الولايات المتحدة في ضرب الإرهاب وهو في الأساس ماركة مسجلة باسمه وشراكة خليجية بالتمويل والتنظير الوهابي والدعم اللوجيستي التركي.
بالمقابل لا بد أن نعرف أن التناقض الظاهر في ما يحدث في المشهد الدولي ليس وليد فقط خلل هنا أو هناك أو ضعف في التقدير في السياسة الأميركية، أم لأبناء المنطقة وقواها الحية دور كفيل في إسقاط هذه السيناريوات مقوماتها صمود الجيش السوري والتفاف السوريين حوله وحول قيادته وترابط الجهد المقاوم من لبنان إلى سورية والعراق وصولاً إلى إيران وروسيا.