واشنطن "تجس نبض" روسيا في الرقة .. الخطوط الحُمر "عريضة" لايمكن تجاوزها

واشنطن "تجس نبض" روسيا في الرقة .. الخطوط الحُمر "عريضة" لايمكن تجاوزها

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤

أعلن البنتاغون فجر اليوم الثلاثاء عن بدء قيامه بتوجيه ضربات جوية وصاروخية لمواقع تمركز تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الرقة السورية، وفعلاً شنّت الطائرات الأميركية بمساعدة أربعة دول عربية هي "السعودية والأردن والبحرين والإمارات وقطر" عدّة غارات استهدفت بحسب ناشطين سوريين في المدينة مايقارب الـ 25 هدف بينهم مبنى المحافظة والبريد داخل المدينة السورية، وسط أنباء عن انقطاع للتيار الكهربائي عن كامل المدينة تزامن مع الغارات الجوية والضربات الصاروخية من نوع "توماهوك".
مبدئياً نستطيع القول أن الضربات الأميركية هذه، جاءت كـ"جس نبض" للرد الروسي من قِبل الجانب الأميركي. بعد أن أعلنت روسيا قبل ساعات خبر اجتياز سفينتها "سموم" الصاروخية الملقبة بالسفينة الطائرة، لمضيقي البوسفور والدردنيل، ودخولها مياه البحر الأبيض المتوسط لتلتحق بالتشكيلة البحرية الموجودة في المتوسط بقيادة الطراد الصاروخي الثقيل "موسفكا"، وبعد ساعات قليلة أيضاً من إعلان الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في اتصال مع الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون»، رفض بلاده أي عمل عسكري خارج التنسيق مع سوريا على أراضيها من قبل الولايات المتحدة الأميركية. ونستطيع أن نتساءل أيضاً في هذا السياق، أن الضربة الأميركية جاءت قبل لقاء «أوباما» بالرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في أميركا غداً الأربعاء، على هامش انعقاد جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تترأسها هذه السنة مصر، والتي سيحضرها «وليد المعلم» وزير الخارجية السوري أيضاً، بعد أن كانت أميركا قد أوقفت منح تأشيرات للوفد السوري وسمحت بها منذ أيام فقط. فهل هذه طبخة سياسية تُحضر ولمصر دور الوسيط فيها...؟؟.
الخارجية السورية أعلنت منذ قليل على التلفزيون السوري، أن الجانب الأميركي أبلغ نظيره السوري الدكتور «بشار الجعفري» المندوب السوري الدائم في الأمم المتحدة، بأن بلاده ستقوم بتوجيه ضربات لتنظيم داعش الإرهابي في مدينة الرقة السورية، دون أن تذكر إن كان «الجعفري» قد منح نظيره الأميركي موافقة بلاده أم لا، لكن نستطيع التكهّن هنا بكل ثقة، أن لو لم تمنح سوريا الولايات المتحدة موافقتها، لما أقدمت الأخيرة على هكذا تصرف، وهي تعرف أن الجمهورية العربية السورية لن تسكت على مثل هذا الاعتداء، خاصة وأنها قالت بل وأكّدت عبر وزير الخارجية «وليد المعلّم» أن أي ضربة عسكرية من واشنطن أو من حلفائها داخل الأراضي السورية دون التنسيق مع دمشق يعتبر "اعتداء"، وسيتم التعامل معه على أنه كذلك عبر "الدفاعات الجوية" التابعة للجيش العربي السوري، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم ننسى بعد كلام وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» في أحد مؤتمراته الصحفية قوله :أننا إن اضطررنا لفعل ذلك "أي شن ضربات في الداخل السوري"، لن "تخيفنا الدفاعات الجوية السورية المتطوّرة"، إذاً واشنطن تعرف أن سوريا تملك قدرات ردعية لم تدخل العمل سابقاً وأنها مستعدة لإخراجها واستخدامها في حال تم تجاوز "موافقتها أو رفضها" لأي عمل عسكري أميركي داخل أراضيها، لاسيما أن سلاح الجو السوري مازال قيد العمل بـ"حرية" كاملة وهو قادر على "مناوشة" سلاح الجو الأميركي وردعه إن احتاج الأمر لفعل ذلك.
بالمحصلة.. لايظننا أحد أن الضربات الأميركية جاءت دون التنسيق مع القيادة السورية، أو "إبلاغها النيّة" على الأقل قبل وقت من التنفيذ، ولايظننا أحد أن واشنطن التي أقلعت طائراتها من قواعدها في الخليج خاصة من قواعدها في السعودية وقطر، التي وعلى مايبدو اقتصر دورها فقط على أن تكون "منصّة انطلاق" لا أكثر هي ونظيراتها "العربية"، قادرة اليوم على فتح جبهة "حربية" جديدة مع أي طرف لاسيما الطرف السوري والروسي، الذي حذّر واشنطن مراراً وتكراراً من تجاوز "الخطوط الحمر" في سوريا.