الحرب على سورية: عندما يقرر داعمو الإرهاب تجريب أدواتهم الطبية والسياسية

الحرب على سورية: عندما يقرر داعمو الإرهاب تجريب أدواتهم الطبية والسياسية

تحليل وآراء

الأحد، ٢١ سبتمبر ٢٠١٤

 في أواخر العام 2004، ضربت السواحل الاندونيسية موجةَ مدّ «تسونامي»، قالوا إنها كانت لاحقة لحدوث زلزالٍ عنيف أطاح بحياةِ أكثر من ثلاثمئة ألف شخص. لكن ورغم كل ما قيل عن هذه الكارثة وتبرير ارتفاع عدد الضحايا بأن دول المحيط الهندي لا تمتلك أجهزة حديثة للتنبؤ بالزلازل، إلا أن سؤالاً بقي طي الكتمان: هل من الممكن أن يكون ما حدث ناتج عن تجربة نووية قامت بها الولايات المتحدة في قاع المحيط، فكانت النتائج خارِجة عن السيطرة؟
حال هذه الكارثة لا يختلف تماماً عن حال الكثير من الكوارث الطبيعية أو البشرية، تبقى الضحية الأكبر فيها هي الحقيقة، ويبقى المستفيد الوحيد هو رؤوس الأموال في الشركات الكبرى التي تتاجر بالكوارث وتبيع الوهم، تماماً كما بيع اللقاح الخاص بـ«أنفلونزا الخنازير» والذي وللمصادفة بدأ انتشاره من المكسيك.
من قال إن الثورةَ تقتُل أبناءَها؟ من قال إن ثورةً كـ«الثورة السورية المباركة» والتي سعت لإسقاط النظام لكي تقوم بإصلاح أخطائِه على جميع المستويات ـ بما فيها القطاع الصحي ـ قد تقتُل أطفالاً عبر إعطائهم لقاحاً فاسداً أو منتهي الصلاحية؟ يبدو أن هذا الأمر يندرج في إطار الحملة الدائمة التي يقودها «إعلام النظام» الرسمي والمستقل لتشويه صورة الثورة المباركة، حتى الرسالة التي وجهتها وزارة الخارجية السورية إلى الأمم المتحدة بعُدت عن الحقيقة وتجاهلت ما هو أهم من قضية «لقاح فاسد». فالثورة المباركة يبدو كأنها قدَّمت أطفالاً سوريين كـ«فئران تجارب» لا أكثر، عبر العصابات المنظمة التي تنتشر في المناطق التي تسيطر عليها العصابات الإرهابية المسلحة، إن كان لناحية الاتجار بالأعضاء البشرية أو الاتجار بالبشر أنفسهم، وهذا لا يبدو غريباً عن ثورةٍ تاجرت أساساً بوطن. هذا ما تحدثت عنه منذ عام تقريباً الـ«دير شبيغل» الألمانية؛ كيف يتم استغلال النازحين السوريين إلى دول الجوار من أجل بيع أعضائهم البشرية.
من المتعارف عليه تماماً، أن اللقاح لا يعدو كونه فيروسات «موهِنة»، يجري إدخالها في الجسم لكي يتمكن الجسم من التعرف إليها وبالتالي مقاومتها. لكن ما يميز لقاح الحصبة أنه يُعطى مرتين، المرة الأولى في السنة الأولى من العمر والمرة الثانية في عمر من 4-5 سنوات، باعتبار أن بعض الأجسام قد لا تكتسب المناعة من مرة واحدة، كما أن العوارض الجانبية لهذا اللقاح لا تعدو كونها ارتفاعاً بدرجة الحرارة عند الأطفال، تحديداً أن هذا اللقاح ثلاثي يتضمن أمراضاً ثلاثة. كذلك الأمر فالشركات المُنتجة لهذا اللقاح عبر العالم معروفة بمسمياتٍ مختلفة؛ بالاسم والدولة، ولا يوجد أي شركة تركية منتجة لهذا النوع من اللقاحات لأن تركية تقوم باستيرادها كغيرها من الدول، فكيف لنا أن نصدق بِدعة اللقاح الفاسد الذي أدى لهذا العدد من الوفيات! قد يكون في الأمر تجريبُ دواءٍ جديد تطلبَ الحصول على نتائجه العملية استخدام أطفال سوريين لهذا الغرض بالتواطؤ بين السلطات التركية من جهة وما يسمى بإدارة المناطق المحررة من جهة ثانية، حيث قاموا بإدخال هذا الدواء على أنه لقاح، تحديداً أن الوفيات تركزت بمنطقة محددة.
يحزن «رجب طيب أردوغان» كما يدّعي عندما يتم اتهام تركية بأنها دولة داعمة للإرهاب، كاد وزير خارجيته أن يذرف الدمع ألماً من هذه الاتهامات الباطلة. لكن فيما يبدو أن مجرد كلمة إرهاب باتت قليلة على تلك العصابات التي تتحكم بمصائر الدول والإقليم برمته، حتى زعيم مشيخة قطر ذهب يطرح استثمارات على بعض الدول الأوروبية الفاعلة، عساه يحظى بمؤتمر صحفي له وزنه ليدافع فيه عن نفسه كأحد أكبر ممولي وداعمي العصابات الإرهابية في العالم.
يقولون إنهم لا يدعمون الإرهاب، ومع ذلك تبدو الحكومة التركية أنها كانت مطمئنة للأتراك المخطوفين عند داعش (قبل اطلاقهم)أكثر من اطمئنانها لوجودهم في مقر الحكومة التركية، كيف لا وهي حتى الآن لم تستطع أن تجد تبريراً لتمكن قوة تركية من عبور «جسر قراقوزاق» الذي تسيطر عليه داعش في نيسان الماضي ووصولها حتى قبر «سليمان شاه» لتدعيم حاميته من دون أن يحدث أي احتكاكٍ بين الجانبين، فهل أن هذا الأمر يفسر لنا الآن سر سقوط قرى عين العرب بيد داعش والذي ما كان ليتم لولا التنسيق (التركي- الداعشي)؟
يقولون إنهم لا يدعمون الإرهاب، ومع ذلك يخرج وزير الداخلية اللبناني ليقول وبصراحة على أحد التلفزيونات اللبنانية: (اتصالات حثيثة ساهمت بتأجيل داعش قرارها إعدام أحد العسكريين اللبنانيين)، هل لنا أن نطرح سؤالاً منطقياً على أصحاب عبارة «شكراً قطر»:
مَن اتّصل معَ مَنْ؟ ومن الذي يمون على تلك الجماعات الإرهابية ويتمكن من ايصال التمويل لها ودعمها بالمال بداعي دفع الفدية، والسلاح عبر شراء الأسلحة المنسقة «الإسرائيلية»؟ بعد كل ذلك من الطبيعي أن تخرج المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» لتقول أن ليس لديها سبب لعدم تصديق «الأمير» في نفيه لتهمة دعم الإرهاب! قد يبدو في الأمر مجاملة، لكنّ الأميركيين لا يرون القصة من هذا الجانب، فاتهاماتهم لقطر باتت تصاعدية وهي بالمطلق نوع من الابتزاز السياسي وليس كرهاً بما تفعله قطر، ولكنها قد تكون أيضاً نوعاً من إرضاء الحلفاء المختلفين مع قطر.
إذاً إنها ساعات «التفويش» والتباكي والتبرير وربما ساعات كشف المستور، مع التجهيز لما ستقوم به الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة بداعي القضاء على تنظيم داعش، سيكون للتصريحات الإعلامية دور فاعل في خلق الأجواء المرتبطة بقدرة الولايات المتحدة وحلفائها أن يفعلوا ما يشاؤون. نتفهم أن يقوم أركان الإدارة الأميركية من كبيرهم لصغيرهم بتذكيرنا كل يوم بأن الولايات المتحدة ستقصف داعش في سورية، حتى من دون موافقة الحكومة السورية.
نتفهم كذلك التمنع التركي عن المشاركة في ضرب داعش، فهم بمعزلٍ عن ثقتهم بأن من جاؤوا بهم من دواعش وهم الآن يسرحون في المناطق الحدودية مع سورية، لن يكون من السهل لجمهم عندما تكون تركيا طرفاً في الحرب عليهم، إلا أنهم أدركوا أن الأمر يخفي تعاوناً مع القيادة السورية، هو بمثابة الهزيمة لحاملي لواء إسقاطها، فلا يريدون التسليم بهذه السهولة. بالطبع لا نعلم هنا إن كانت الولايات المتحدة ستتبع مع الأتراك ذات الأسلوب الذي اتبعته مع البريطانيين عندما قالوا إنهم لن يشاركوا في الحملة، وفي اليوم التالي ذُبح أحد مواطنيهم. حتى وزير الدفاع الفرنسي لم نسلم من تصريحاته الرنانة، «لودريان» يبدو أنه لم يدري أبداً أن أفول نجم «فابيوس» لا يعني أبداً التحضير لتعويمه مستقبلاً، فبعد ثلاث سنوات من الحرب على سورية تخللها ثلاثة فيتوات (صينية- روسية) ضد أي قرار أممي يستنسخ التجربة الليبية، قرر «لودريان» أن يذكِّرنا بأن فرنسا جاهزة للتدخل في سورية في إطار قرار أممي!! هكذا يصنعون من التصريح الذي لا معنى له مادة إعلامية يروجون فيها لسياساتهم ويغطون فيها على فشلهم، فيجري التركيز على تضخيم عبارة (فرنسا جاهزة للتدخل في سورية) ويتجاهلون بالمطلق ما تعنيه عبارة (في إطار قرار الأمم المتحدة)...
هذا الأمر بات مرتبطاً أيضاً بحديث الولايات المتحدة المتكرر عن تدريب المعارضة السورية «المعتدلة»، تلك المعارضة ذاتها التي قتلت الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها في ريف إدلب بالدواء المذكور، وتقتل السوريين يومياً بقذائف الهاون. هم يدركون تماماً كيف يستجمعون المكانة بالتصريحات وكيف ينسحبون بالتصريحات، وعليه لا يجب أن يمر تصريح كيري عن دورٍ لإيران في محاربة داعش مرور الكرام، ألم نقل إنها ساعات التصريحات التصاعدية والأهم كشف المستور تصاعدياً؟
قد تبقى الكثير من الحقائق تائهة وضائعة، فالمثقفون العرب أشهروا سيف بياناتهم من أجل أظافر أطفال درعا «التي لم نرها»، أما مستثقفو الشاشات فتوالت بياناتهم يوماً عن «فك الحصار عن درعا». أما اليوم فالجميع صمت، لا نعلم حقيقةً متى سنعلن يوماً موت كلمة «مثقف عربي»، ربما عندما يَلقى هؤلاء مصير غيرهم، عندها تبدأ الحقائق بالظهور تباعاً....