ما وراء حملة اوباما

ما وراء حملة اوباما

تحليل وآراء

الأحد، ٢١ سبتمبر ٢٠١٤

تتكشف جملة من الأهداف الاستراتيجية والسياسية خلف الحملة الأميركية التي أعطيت عنوان بناء تحالف دولي ضد الإرهاب في العراق وسورية وقد حذف الأميركيون من متنها أي إشارة لفرع القاعدة الرسمي جبهة النصرة وباتت الحملة على داعش من غير ان تقدم الولايات المتحدة على أي خطوة عملية لإلزام الحكومات التابعة بوقف المال والسلاح والدعم اللوجستي عن شبكات الإرهاب التي رعتها بالتعاون مع الناتو وحكومات السعودية وقطر ولا سيما تركيا ذات الصلة العضوية الخطرة بدولة البغدادي ويمكن لنا اكتشاف الأهداف الرئيسية لهذه الحملة بدراسة علمية لما ظهر من المؤشرات والوقائع حتى الآن :
1- ترميم المكانة القيادية المتصدعة للولايات المتحدة على الصعيد العالمي بعدما تبلورت القوى المناهضة للهيمنة بفضل الصمود السوري وما احدثه من فرز للمواقف والخيارات ومن تظهير للقوتين الروسية والصينية وبالتالي لمجموعة البريكس وبعدما فرض هذا الصمود تراجعا اميركيا على جبهة الصراع مع إيران وهو ما يعني سقوط المبدأ الاستراتيجي الأميركي المعلن منذ انهيار الاتحاد السوفيتي : منع قيام قوى عالمية منافسة للولايات المتحدة .
2- العودة إلى العراق والمنطقة بعد الخروج الذليل لقوات الاحتلال الأميركي من العراق وهزائم إسرائيل المتتالية في حروب قادتها الولايات المتحدة وبعد الفشل الأميركي الخطير في إسقاط الدولة الوطنية السورية والنيل من رئيسها المقاوم وهذه العودة المبنية على التمدد الداعشي تسمح للولايات المتحدة هذه المرة بالظهور في قناع المنقذ من خطر الإرهاب التكفيري في العراق الذي أصيب بأعطاب خطيرة بفضل مآثر الاحتلال وقرار الحاكم العرفي بول بريمر من حل الجيش العراقي إلى قانون اجتثاث البعث وصولا للدستور المكرس لتثبيت التناحر الطائفي والعرقي .
3- ضبط المعسكر الغربي وإعادة رص الصفوف الأوروبية خلف الولايات المتحدة بعد ظهور شقوق تتعلق بالصراع ضد قوى الشرق الصاعدة وخصوصا ضد روسيا واداة الضبط التي تتيحها حملة اوباما هي استثمار وتصعيد الخوف المشترك من خطر ارتداد الإرهاب نحو مصدريه وهو الموقف الذي تجتمع عليه حكومات الغرب بعدما تورطت في تسهيل انتقال الإرهابيين التكفيريين وقدمت لهم الدعم والتغطية في سياق العدوان على سورية بقيادة الولايات المتحدة .
4- ضبط خروج الجماعات الإرهابية عن السيطرة وخصوصا داعش بعدما تبدت معالم عودة القاعدة إلى الحضن الأميركي ( خصوصا فرع القاعدة الرسمي في سوريا جبهة النصرة) والتزامها خطط التشغيل التي تتابعها تنفيذيا الحكومة القطرية بما في ذلك التعاون المباشر مع إسرائيل في الجولان وبحيث تضع الحملة الأميركية العالمية داعش تحت ضغط يحد من تهديدها للمصالح النفطية الأميركية في المنطقة ويلجم تصاعد خطرها على المملكة السعودية من الداخل .
5- رد التشكيلات الإرهابية التكفيرية إلى حظيرة المشغلين يتيح استخدامها لاحقا ضد المنافسين وخصوصا روسيا والصين وإيران والهند وسواها وتحويل تلك التشكيلات إلى اداة ضغط وابتزاز واستنزاف في الصراع مع هذه الدول دفاعا عن منظومة الهيمنة الأميركية في العالم التي يتآكلها العجز وتهددها القوى العظمى المنافسة الساعية لتكريس التعدد القطبي في العلاقات الدولية .
6- احتواء الفشل في استراتيجية الحرب على سورية بقناع مكافحة الإرهاب والجمع بين الحرب على داعش واستمرار حرب الاستنزاف ضد الدولة الوطنية السورية من خلال فصائل المرتزقة التي تعتزم إدارة اوباما تدريب المزيد منها في المملكة السعودية وتحاول تمكينها من السيطرة على جزء من الجغرافية السورية لمساومة دمشق والضغط عليها تحت ستار الحل السياسي الذي تعتبره واشنطن الوسيلة المتبقية لاختراق البناء الوطني السوري بعملاء يمكن استخدامهم في التأثير على الخيارات القومية والوطنية التحررية للدولة السورية .
7- الإعداد للانتخابات النصفية الأميركية عبر تعبئة الشارع الأميركي وإنقاذ سمعة الإدارة الأميركية وتحسين رصيد اوباما الذي تضاعف شعبيا حسب استطلاعات الرأي من ثلاثين بالمئة إلى ما فوق الستين بالمئة منذ إعلان حملته وبعد ذبح داعش لصحافيين اميركيين وارتفاع نبرة التحذير من هجمات إرهابية مشابهة لعمليات 11 أيلول 2001 وهي العبارة السحرية التي يرددها الإعلام الأميركي ليلا ونهارا .
8- نهب المزيد من أموال الدول النفطية في المنطقة أي العراق والخليج عبر استخدام الحرب على داعش كموسم زاخر بالصفقات المربحة لمبيعات السلاح والتكنولوجيا ولعقود التدريب والمستشارين والخبراء وهذا استثمار اميركي تقليدي بالحروب المتنقلة منذ اكثر من نصف قرن وواهم من يصدق فرضية سعي الولايات المتحدة للاستقرار في أي بقعة من العالم فالتاريخ المعاصر يكذب هذه الفرضية الخادعة ... فالحروب والأزمات هي البيئة المفضلة لتثبيت النفوذ الأميركي .