ماذا بعد "الهمروجة" الإعلامية .. بقلم: ميساء نعامة

ماذا بعد "الهمروجة" الإعلامية .. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٤

مرة بعد أخرى يطل علينا الاستعمار بأقنعة مختلفة، منها ما هو مكشوف وواضح ومنها ما هو خارج إطار المعرفة الواضحة، بمعنى أنّ الاستعمار ذكي ولديه أساليب خبيثة وملتبسة دائماً...
من هذه الأساليب مثال قريب جداً، إحداث تحالف دولي لمحاربة "داعش"، وما أدراك ما "داعش" عزيزي القارئ، هي البدعة الأميركية الجديدة التي أخفت حس القاعدة لتجعل من دولة الخلافة المزعومة النجم الأوحد على الساحة العربية والدولية والعالمية.
قلنا النجم الأوحد! كلام لا يحتمل مصداقية كبيرة لأنّ مَن أحدث تنظيم القاعدة ومِن ثم تنظيم "دولة الإسلام في بلاد الشام والعراق" قادر على إحداث تنظيمات عدة وبمسميات مختلفة ومتعددة لكن جوهرها واحد، تكريس التطرف الديني وتشويه الإسلام ونشر الإجرام والقتل والذبح وتقطيع الرؤوس باسم الإسلام.
لطالما لعب الاستعمار قديمه وجديده على وتر الدين مستغلاً التنوع الديني كحالة صحية وصحيحة وتحويله إلى أداة للتفريق وبث البغضاء والاقتتال بين الأديان والطوائف.
ليس بجديد أن تُحدث الولايات المتحدة الأميركية تحالفاً ضد "داعش" يذكرنا بتحالفها ضد "القاعدة" وليس بخافٍ أيضاً أن يقود ذات الممول والمصنع الحرب لمحاربتها، هي ليست سخرية لا سمح الله من الإدارة الأميركية، لكن السخرية أن تضحك علينا أميركا وتكذب علينا نفس الكذبة ونصدق ما تقوله بل ويسير البعض خلفها بسذاجة.
لكن المهم أنّ تحالف المقاومة لا يمكن أن يصدق ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية من كوميديا سياسية هزيلة وهزلية، والسيناريوهات المضادة من قبل تحالف المقاومة مستعدة لجميع سيناريوهات الشيطنة الأميركية وحلفائها، والمقصود هنا بتحالف المقاومة كل تحالف يقف بوجه الهيمنة الأميركية ويضع حداً لهذيانها السياسي الذي أغرق العالم بالدماء.
منظمة شنغهاي ومعها مجموعة البريكس ومعهم كل أحرار العالم أصبحوا اليوم قوة اقتصادية وسياسية وبشرية مهولة ستعيد للعالم توازنه واستقراره المفقودين، حتى لا تبقى أميركا وحلف الناتو كالوحش المنفلت لا يجلب إلا الحروب والدماء لهذا العالم....
الإدارة الأميركية لا تزال تقرع طبولها الإعلامية ضد التنظيم الإرهابي داعش، ويبدو أنّ الإدارة الأميركية بدأت إستراتيجيتها ضد داعش من بند البدء بالحملة الإعلامية لتبرير حربها ضد الإرهاب.
هذا الأمر ليس بالجديد على الإدارة الأميركية فقد استبقت حربها على العراق بهمروجة إعلامية مفادها امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل.
وجميعنا يذكر كيف كشف الستار عنها وزير الخارجية الأميركية في حينها كولن باول حين قال أمام العالم كنا على يقين بأنّ العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل، ولا يمكن لأحد منا أن ينسى جولة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس عندما بشرت بشرق أوسط جديد يغير خارطة المنطقة بما ينسجم والمصالح الأميركية فيها ويضمن لإسرائيل أمنها الدائم في ظل جوار متخبط بربيع دموي يشل حركة الشعوب العربية وينهك جيوشها.
اليوم الكذبة الأميركية فاقعة وواضحة المعالم، الإدارة الأميركية ستبدأ حربها ضد الإرهاب، الأمر الذي يتيح لها التدخل المباشر وانتهاك السيادات الوطنية لدول مستقلة وذات سيادة بحجة ضرب "دولة الخلافة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" أو ما يعرف بداعش، وتجمع حولها تحالفات دولية كبيرة، وتستبق حربها الكاذبة بحملة إعلامية تمتص غضب الشعب الأميركي الذي يرتعد خوفاً من تمدد داعش وممارساتها، لاسيما بعد ذبح الصحفي الأميركي، وتبرر تدخلها العسكري في كل من العراق وسورية.
والسؤال: ألم نشاهد بأم العين وعبر الإعلام الغربي ما قالته هيلاري كلينتون بأنّ أميركا هي من صنّعت المجموعات الإرهابية بمسمياتها المتعددة الإسلامية منها وغير الإسلامية؟
أجل أميركا على مدى سنوات تشكلها صنعّت ما سمته العدو الوهمي لكي تقضي على كل من يهدد وجودها ويهدد مصالحها، ابتداء من الهنود الحمر السكان الأصليين لجغرافية الولايات المتحدة الأميركية وليس انتهاء بأفغانستان والعراق وسورية.
إذاً الضجة الإعلامية التي تقوم بها اليوم الولايات المتحدة الأميركية ما هي إلا ستار لعملية استعمارية جديدة كانت ترمي لها الإدارة الأميركية منذ أن قامت باحتلال العراق الشقيق.
لكن سورية بذكاء العقل السياسي وقوة جيشها وصمود شعبها وتماسك تحالفاتها الإقليمية والدولية جعلت من سورية القوة الصلبة التي لا تكسر ولا تهزم.