الجعجعة أوروبية .. والطحن أمريكي..بقلم: صالح صالح

الجعجعة أوروبية .. والطحن أمريكي..بقلم: صالح صالح

تحليل وآراء

الخميس، ١٨ سبتمبر ٢٠١٤

المسألة واضحة وضوح الشمس أمريكا لا تريد إنهاء داعش فهي تريد فرملتها في العراق وإبقاءها في سورية والدليل واضح أيضاً في المفارقة المضحكة المبكية المتمثلة في التحالف الذي تقرع واشنطن طبوله بقوة هذه الأيام، والذي جمع دول الأذناب العربية، وغير العربية ممن يعملون بالعلن ودون خوف، أو خجل على تمويل تنظيم داعش الإرهابي، ودعمه بكل متطلبات البقاء، والاستمرار بموافقة واشنطن، ومباركتها.
هذا التناقض الكوميدي، جزء من مشروع واشنطن في المنطقة، والذي يراد له أن يبقى هلامياً وبلا ملامح حتى يتم تكييفه مع المصالح الأمنية لواشنطن وقبل ذلك مع مصلحة إسرائيل التي تأتي في أولوية الاستراتيجية الأمريكية.
ما يؤكد هذه الرؤية ما قاله أستاذ الاقتصاد الكندي ميشيل شوسودوفسكي:  إن الوثائق المتوفرة تثبت أن الذين يتحدثون عن شن عملية جوية ضد داعش هم صانعوا داعش، هدفهم ليس القضاء عليه بل حمايته، وأكد أن أوباما أعلن عن الحظة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط في الكلمة التي ألقاها  الأسبوع الماضي لإعلان استراتيجية مواجهة داعش، وماهي في الحقيقة إلا خطة عسكرية شاملة تهدف الى زعزعة الاستقرار في دول المنطقة والقضاء على مكامن القوة فيها.
المؤكد أن واشنطن مستمرة بمشروعها الفوضوي في الدول العربية، وإصرارها على تنفيذ الضربات الجوية في سورية يأتي في سياق ذلك، لإبقاء عملية خلط الأوراق قائمة في انتظار أي تطورات على الأرض قد تعززها الأيام القادمة وفق ردات فعل قد لا تكون محسوبة من هذا الطرف أو ذاك.
الجعجعة الأوروبية في هذا المجال غير مجدية لأن الطحن الحقيقي في واشنطن وما مؤتمر باريس إلا اجتماع  فلكلوري لالتقاط الصور للمجتمعين، ولم يتم العمل بعمق لوضع استراتيجية حقيقية لمواجهة داعش، والمسألة كما قلنا مراراً وتكراراً بيد واشنطن التي تمسك بكل الخيوط بالمنطقة وخاصة الخيط التركي الذي تستطيع بتحريكه أن تنهي مسألة  داعش ببساطة عندما تجبرها على إغلاق حدودها وقطع طرق الامداد على الإرهابيين بالمال، والسلاح، والرجال من جهه وامتناعها عن شراء النفط السوري والعراقي المسروق بأسعار بخسة وبيعه في السوق العالمية السوداء.
بديهية الحل هذه يعرفها الجميع ويتجاهلونها، لأن واشنطن تريد ذلك فهي ترغب بأن يبقى الجميع مأزوماً ـ الحلفاء قبل الأعداء ـ  وليس لأحد فهم القدرة على الحسم لسنوات قادمة، فضعف الكل يعني استمرار الهيمنة السياسية واستنزاف الموارد الاقتصادية الهائلة دون تكلفة غالية هذه المرة…!