كرّموا حلب.. وأهلها.. ورجال صناعتها.. بقلم: د. سمير صارم

كرّموا حلب.. وأهلها.. ورجال صناعتها.. بقلم: د. سمير صارم

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٧ سبتمبر ٢٠١٤

حلب لم تكن مثل أية مدينة سورية أخرى، حلب تميزت في الأزمة، قاومت، صمدت أكثر، ولم يتخلَ عنها الكثير من رجال صناعتها..
صحيح أنّ مدناً سورية أخرى قاومت وصمدت، لكن حلب كانت المتميزة في هذا.. وقاومت أيضاً الحصار والتجويع.. لذلك تستحق التكريم.. والتكريم يجب أن يكون أكثر من الكلام حتى لو كان شعراً بها فكيف بنا ونحن لا نملك غير الكلام وكلامنا ليس شعراً؟! ..إنّه إحساس بمعاناة أهلنا في حلب وتقديرهم.. وكلمة شكر باسم الوطن لصمودهم..  فقبل الأزمة تميزت بصناعاتها فأطلقوا عليها عاصمة الصناعة السورية.. فأي اسم سيطلقونه عليها بعد الأزمة؟. هل سيسمونها عاصمة الصمود السوري؟.. أو عاصمة سورية المنيعة؟.. مهما أطلقوا عليها من تسميات فهي تستحق أكثر من ذلك.. استشهد من أهلها الكثير.. وصورة ذلك الفتى العامل في المقهى الذي قتله الإرهابيون أمام أعين أهله لا تبارح مخيلتنا.. وصور الأطفال الذين يبكون جوعاً بسبب الحصار ومنع وصول الحليب إليهم باقية في أذهاننا، فكيف لا تتميز؟.. بل إنّ قرى حلب تميزت أيضاً.. فدون كل قرى سورية رموها بغاز السارين القاتل وبعضها عانى الحصار، بل لايزال يعانيه ومستمراً منذ أكثر من عام.. وقتلوا بعض رجال صناعتها وخطفوا منهم العديد وسرقوا وأحرقوا معاملها وتختزن الذاكرة بعض الأسماء. لذلك تميزت حلب.. ولذلك يجب تكريمها بأكثر من الكلام، كأن تصدر محافظة حلب كتاب شرف يضم صوراً وبعض سيرة حياة كل الذين استشهدوا فيها.. من مقاتلين ورجال أعمال ومدنيين وأطفال ونساء.. وشيوخ..
أما لماذا رجال الأعمال؟.. على هذا السؤال أجيب بأنّ هؤلاء كان باستطاعتهم أن يغادروا البلاد وينقلوا صناعاتهم إلى الخارج، ويستثمروا ويستمروا ويعيشوا حياة الرفاهية التي اعتادوا عليها أو أقل منها بقليل، لكنهم لم يفعلوا.. حتى إنّ بعضهم لم يغادر إلى مدينة سورية أخرى يتوفر فيها الأمان، وأصروا على البقاء، ورئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي واحد من هؤلاء.. وبعضهم لم يتخل عن عماله رغم أنّ معمله قد أغلق بفعل إرهاب المسلحين، واستمر معهم، كالمهندس الصناعي خليل نيازي الذي أعرف أنّه يستطيع أن يغادر حلب إن لم يكن لمدينة أوروبية أو عربية فإلى مدينة سورية آمنة، لكنه لم يفعل، ولما سألته لماذا لا تغادر أجابني بسؤال استنكاري: وعمالي.. ماذا سيحل بهم؟!
وآخرون أيضاً لم يتخلوا عن عمالهم.. وعن أهل مدينتهم، وبعضهم لا يزال يقدم آلاف الوجبات الغذائية لعائلات فقدت بيتها ومعيلها.. وغيرهم قدموا أرواحهم، وآخرون تحولوا إلى باعة بسطات على الأرصفة ولم يستسلموا للإرهاب. كل هؤلاء يستحقون التكريم.. والتحية.. والجنود المجهولون الذين لم يتركوا وطنهم فعاشوا همومه، ولا عمالهم فشاركوهم مصاعب حياتهم.. ولم يقطعوا عنهم رواتبهم رغم أنّهم لا يعملون!!. أغلبية صناعيي حلب هؤلاء وقد ذكرت نموذجين نرفع عبرهما التحية إلى كل الصناعيين في عاصمة مقاومة الحصار.. عاصمة الصناعة والصمود، وهم بعض الرجال الذين حموا ويحمون الوطن ووحدته الوطنية.
أهل حلب.. رجال الصناعة.. ورجال التربية.. والشباب المتطوعون للقيام بأعمال تخفف وقع الأزمة.. ونساء حلب.. وكل الذين قاوموا.. وصمدوا.. وتحدوا الحصار والجوع.. لكم كل التحية.. وتستحقون أكثر من التكريم.. فلنكرم أهل حلب وقراها التي صمدت.. وفي المقدمة فعالياتها التي رفضت مغادرتها.. وأول التكريم تقدير لصمودكم.. ولدوركم.. ولتمسككم بأرض حلب الطاهرة التي أنجبتكم.. فيا حلب بك نرفع رؤوسنا.. ومن أهلك نتعلم كيف نحب الوطن وندافع عنه، والى نصر قريب إن شاء الله نحتفل فيه بكم.. ومعكم يا أهل حلب الشرفاء.