كل ما يجري حولنا ليس الا مصالح بمصالح

كل ما يجري حولنا ليس الا مصالح بمصالح

تحليل وآراء

الاثنين، ١٥ سبتمبر ٢٠١٤

نجح الرئيس الاميركي باراك اوباما في حشد تجييش دولي ضد "داعش", وبطبيعة الحال هذا النجاح سيلاقيه ايضاً نجاح وزير خارجية الادارة الاميركية جون كيري في جولته الشرق اوسطية عبر تأمين تمويل الحرب ضد داعش من الخزائن العربية المليئة بالنفط والذهب والماس والدولارات وذلك كله من باب المعادلة البسيطة التي وضعتها اميركا "اعطونا اموالكم ... ننقذ عروشكم"، وكفى العرب شر القتال ضد داعش والتكفيريين.
وهذه الحالة ما كنّا لنصل اليها لو لم تعمل اميركا ومعها الغرب وبعض العرب على "تسمين" العجل الداعشي ومن ثم ذبحه. والتمويل هو عربي بإمتياز تماماً كما حصل في حرب العراق بعد اجتياح الكويت من قبل الرئيس العراقي صدام حسين بناء لنصيحة المبعوثة الاميركية ابريل غلاسبي التي اسرّت لصدام حسين بأن اميركا لن تتدخل اذا اجتاح الكويت فحصل ما حصل ووقع الرئيس العراقي في الفخ الاميركي وبالتالي قضت اميركا على احد اقوى الجيوش العربية بتمويل عربي من باب "ان العرب لا يتفقون الا على القوي فيما بينهم" كما كان يقول دوماً الرئيس الراحل سليمان فرنجيه, ولم يدر العرب يومها انهم "اكلوا كلهم" عندما وطأت الجيوش الاميركية ارض العراق وحولت بلاد ما بين النهرين الى خراب.
المهم اليوم ان اميركا والغرب سيحاربان داعش بالاموال العربية وهم بالاموال العربية ايضا غذّوا داعش ومدّوها بالسلاح والعتاد ودربوا عناصرها وباتت داعش اليوم تسيّر دوريات في المانيا وبلجيكا، وحراس الشريعة باتوا في هاتين الدولتين الاوروبيتين يفرضون اتمام الشريعة الداعشية التكفيرية على المسلمين فيهما وهنا ممكن الخوف الاوروبي, لان السكين وصلت الى الرقاب حتى ان داعش تهدد حالياً ليس اميركا فحسب بل كل بلد اجنبي رفدها بالعناصر المخربة.
والحرب الدولية على داعش، التي فرضتها ظروف حماية المصالح الاميركية في اربيل وكردستان العراق، ستعيد الازدهار الى الاقتصاد الاميركي ومصانع السلاح الاميركية وتخفف من البطالة في هذا البلد عبر الاموال العربية ـ فيما كثيرون من العرب يموتون جوعاً او يعيشون الفقر والعوز والذل، والحكام والمسؤولون عنهم يصرفون الاموال دون فائدة وحالتهم "كالهر الذي يلحس المبرد ويتلذذ بطعم الدماء دون ان يدري ان لسانه هو الذي يتآكل رويدا رويدا".
انها اميركا... الدولة العظمى بقلة اخلاقها. انهم الاوروبيون الذين يسيرون في الركب الاميركي دون ان يعود لهم حق القبول او الرفض. فأين فرنسا اليوم من فرنسا ديغول؟ وأين بريطانيا العظمى، والمانيا وبلجيكا وايطاليا... واين الملك فيصل، والرئيس عبد الناصر والحبيب بورقيبة، والملك حسين، من بعض القادة العرب اليوم؟
إنه الزمن الرديء نفتقد فيه القادة الذين صنعوا التاريخ والمجد والبطولات تماما كما نفتقد القمر في الليالي الحالكة، وعليه لم يبقَ امامنا الا الصلاة الى رب العالمين كي يحفظنا ويبعد عنا الشر والاشرار, لأنّ كل ما يجري حولنا ليس الا مصالح بمصالح .