حروب الشياطين .. بقلم:غسان يوسف

حروب الشياطين .. بقلم:غسان يوسف

تحليل وآراء

الجمعة، ١٢ سبتمبر ٢٠١٤

في المقال الماضي تكلمنا عن النوم مع الشيطان والمقصود بالشيطان في ذلك المقال كان (داعش)، أما مقال هذا الأسبوع فيتحدث عن شياطين الحرب كحزمة متكاملة.
يقول البابا شنودة بابا الأقباط في كتابه حروب الشياطين إنّ الشيطان لا ييأس ويبدو أنّ داعش وأخواتها الشياطين, كما الشيطان الذي تحدث عنه البابا شنودة لم ولن ييأسوا، فالمتابع لما يجري من أحداث في سورية يرى أنّ المجموعات المسلحة تقاتل دون كلل أو ملل على الرغم من الانشقاقات والخلافات الكبيرة فيما بينها، والقتال المستعر فيما بين المجموعة الواحدة أحياناً.
الشيطان الأكبر (الولايات المتحدة) كما يصفها أصدقاؤنا الإيرانيون أيضاً لم تكل ولم تمل من دعم الشياطين الصغيرة ومن ثم الادعاء بأنّها هي من سيحارب هؤلاء الشياطين على مبدأ "دود الخل منه وفيه"!.
شياطين المنطقة في تركيا والسعودية وقطر.. الخ، يتقاتلون فيما بينهم ويتشاتمون وينشرون غسيلهم الوسخ على فضائيات تدّعي المهنية الإعلامية, ولكنهم عندما يجتمعون للتآمر على سورية يتوحدون لأنّ الشياطين لا تختلف على خطأ على عكس ما نُقل عن الرسول الكريم "ما اجتمعت أمتي على خطأ".
تقول الكاتبة التركية إليف شافاك في روايتها (قواعد العشق الأربعون): "الشيطان ليس قوة خارقة تهاجمك من الخارج, بل هو صوت عادي ينبعث من داخلك"
والسؤال السياسي هنا.. مَن الشيطان الحقيقي الذي يعيش بيننا وفي داخل بلداننا والذي تكمن وراءه كل (بلاوي) المنطقة؟!
لنكن منصفين في جوابنا حتى لا يتهمنا البعض بأنّنا نتبنى نظرية المؤامرة التي أصبحت تهمة جاهزة لمن انخرط في مشاريع التخريب والتفتيت!
لكن لنكن دقيقين أكثر.. أليست الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من أي صراع يحدث في أي منطقة من الكرة الأرضية؟ أليست الولايات المتحدة هي من تحاول الاستفادة مما يجري في سورية أو العراق أو لبنان أو حتى أوكرانيا؟ أليست الولايات هي من تدّعي أنّها المنقذ والمخلص.
لنعد إلى الإنتاج السينمائي والتلفزيوني في الولايات المتحدة تجد أنّ أغلب الأفلام والمسلسلات المنتجة في الولايات المتحدة والتي توزع إلى جميع أنحاء العلم هي مدروسة الأهداف والنتائج.. من شاهد مسلسل /24/ يرى أنّ دوائر صنع القرار في واشنطن كانت تخطط لوصول رئيس أسود ضعيف كأوباما! لا بل من يتابع المسلسل يرى أنّ ما يحدث في المنطقة هو نفس ما جري في حلقات المسلسل، علماً أنّ المسلسل أنتج في عام 2000 أي قبل أن يحلم رجل أميركي أسود بالوصول إلى البيت الأبيض.
ولنعد إلى حروب الشياطين التي يشهدها العالم العربي وفي أي بقعة من العالم؟ أليس الشيطان الحقيقي هو من خطط لنشر الخراب والدمار عبر ما سمي الربيع العربي؟ أليس هو من شجع الدول الإقليمية لتقديم المال والسلاح وفتح الحدود ونقل الإرهابيين إلى سورية.
صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت خبراً مفاده أنّ "داعش" حصلت على تمويل من متبرعين في الكويت وقطر والسعودية، كما أنّ الأخيرة أرسلت الأسلحة إلى المعارضة السورية دون الاكتراث بما إذا كان بعضها سيصل إلى يد داعش أما لا؟  بالإضافة إلى دور تركيا في السماح لداعش بتمرير العناصر والسلاح.
ما يلفت الانتباه أنّ الولايات المتحدة تتحالف مع السعودية التي هي بحسب محلل الشؤون الأمنية في قناة CNN العميل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية CIA روبرت باير تتحمل جزءاً من المسؤولية عن تنامي ظاهرة التنظيمات التكفيرية ليس بسبب التمويل الذي يصل للتنظيم من دول الخليج فحسب، بل بسبب الفكر الذي تحمله التيارات التكفيرية في المملكة والتي تكفر طوائف إسلامية أخرى كل من لا يتفق معها حتى لو من أبناء الطائفة الواحدة أو المذهب الواحد، ومن هنا تكمن الخطورة الكبرى.
وهل لنا أن نستعمل مصطلح (حرب الشياطين) كما استعمله البابا ولكن لكل مغزاه، لنقول إنّ حرب الشياطين تمتد من رأس الشيطان الأكبر الولايات المتحدة إلى ذنبه في الخليج وتركيا، حتى إنّ صحيفة الاندبندنت البريطانية رأت أنّه من غير الممكن القضاء على الإرهاب في سورية والمنطقة إن لم يُغلق (طريق الجهاد)، والمقصود بحسب الصحفي باتريك كوكبرن الحدود التركية حيث يتدفق الإرهابيون بالآلاف من أجل القتال في صفوف تنظيم “داعش” أو غيره من التنظيمات الإرهابية!