ضدان .. بقلم: فادي برهان

ضدان .. بقلم: فادي برهان

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٠ سبتمبر ٢٠١٤

ضيفان متضادان متناقضان متقابلان كالخطين المتوازيين اللذين مهما امتدا لا يجتمعا.. أحدهما خفيف الظل سريع الرحيل إذا حلَّ في بيت أناره وأضاءه، ودبَّ في جميع أنحائه النشاط والهمة والعمل، وضخ الحياة والطاقة على كافة أصعدته، وبعث في النفوس الشجاعة والأمل بالمستقبل وأحيا فيها طموحها، والآخر غليظ فظ كثيف أخرس أطرش ثقيل المكوث، إذا حلّ حلّت معه الظلمة والملل والضجر وساد جو من القرف والهمّ الذي لا يتزحزح والغمّ الذي يتربص ولا يغادر، والكرب الثقيل الذي يُعمي ويُصم فيشعر المرء وكأنّه سجين حبيس ليس له من الأمر شيء، وقد سقط في يده وفقد كل حيلة ووقع في الحيرة لا يدري ما يعمل، وكأنه تائه ضائع في غياهب الصحراء أو مجاهل الأدغال، منقطع عن العالم الخارجي، يتحسس دربه ويتفقد سبيله ويترقب بأمل هش ساعة الخلاص، وكأنّه في قعر بئر عميق ينتظر من يخرجه إلى سطح الأرض.
هكذا أصبح حال المواطن السوري مع انقطاع التيار الكهربائي وساعات التقنين الثقيلة الطويلة مقابل ساعات التيار السريعة، والتي لا يكاد المرء يتزود فيها بتعبئة الماء وقضاء بعض الحاجيات كغسيل الملابس وتنظيف المنزل حتى ينقطع التيار وتسود الظلمة من جديد، وتتعطل كافة الأعمال المعتمدة على الكهرباء والتي إن أردنا عدّها لن نحصيها.
فإلى متى سيبقى الحال على ما هو عليه؟ وإلى متى ستبقى العاصمة دمشق وريفها المحيط بها تعاني من انقطاع التيار ومن نظام التقنين الذي لا يرحم؟
وإلى متى ستبقى خطوط الغاز المغذية لمحطات التوليد تحت رحمة المسلحين يعيثون فيها فساداً وتخريباً؟ وإلى متى ستبقى خطوط التوتر العالي تحت مرمى نيران جبهة النصرة والجيش الحر وغيرها من التنظيمات الإرهابية المسلحة؟ وهل هذه هي ثمار الحرية التي طالب بها البعض بحجة الثورة والربيع العربي المزعوم الذي ملأ الشاشات وأصبح حديث الساعة في كل أنحاء العالم من أقصاه إلى أقصاه؟
يتساءل البعض _ ومن حقه التساؤل والاستفسار _ عن وضع التيار الكهربائي في بعض مناطق محافظة ريف دمشق والغوطة ففي مدينة جرمانا _ على سبيل المثال _ كان التيار الكهربائي لا ينقطع بالرغم من سيطرة المسلحين على مناطق المليحة وبعض المناطق المحيطة وعندما بدأت تلك المناطق المذكورة تعود إلى سيطرة الجيش العربي السوري بدأ تطبيق نظام التقنين، وكذلك في منطقة السيدة زينب التي أحاط بها المسلحون من كل جانب وحاولوا الانقضاض عليها من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق من شارع علي الوحش إلى حجيرة إلى الديابية فالحسينية ومن بيت سحم إلى عقربا، وصولاً إلى طريق المطار الذي أمطره قناصو الإرهاب بوابل رصاصهم الغادر، أحاط المسلحون بالمنطقة كما يحيط السوار بالمعصم، وعلى الرغم من كل ذلك لم ينقطع التيار الكهربائي لحظة واحدة عن منطقة السيدة، وعندما تحررت القرى المحيطة بها في منتصف عام 2013 م واستبشر الناس خيراً فُقد التيار الكهربائي وطُبق نظام التقنين الذي جعل الكهرباء حلماً وطموحاً يسعى إليه أهالي وسكان المنطقة.
 فأين كمية الكهرباء التي كانت تستهلكها القرى المحيطة، والتي من المفترض أن تتوفر باعتبار أنّ تلك القرى خالية من السكان ومن المسلحين ولا يوجد فيها من يستهلك أو يستخدم الكهرباء؟
فهل علينا أن نُحاط بالمسلحين الإرهابيين المجرمين السلفيين الغادرين الوهابيين لننعم بالكهرباء؟ وهل ارتبط تواجدهم بتواجد التيار الكهربائي وعندما هُزموا هُزمت الكهرباء معهم؟