"وا نصرالله"، ... كي لا يلامس إرهابهم عرش انتصاراتنا

"وا نصرالله"، ... كي لا يلامس إرهابهم عرش انتصاراتنا

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٩ سبتمبر ٢٠١٤

أوباما يضع يوم الأربعاء استراتيجية القضاء على داعش خلال ثلاث سنوات، وهنري كيسنجر يعود الى الواجهة ليعلن بظنونه السوداء كما تاريخه، أن "القضاء على هذا التنظيم أمرٌ يسير لكن العسير هو في المواجهة مع إيران، لأن حدود "سايكس بيكو" قد تهاوت وحلم تحقيق "الأمبراطورية الفارسية" بات قاب قوسين بالنظر الى سيطرة إيران على المفاصل المهمة من العراق الى بيروت".
الأحلاف الإقليمية والدولية تدَّعي مواجهة التكفير، وأربعون دولة تضمُّ أميركا ودول الناتو ومعها الحلفاء الإقليميون تُطلق النفير، مع وجود مشكلة في التفاصيل ترتبط بأعباء هذه الحرب التي سوف تكون محصورة على ما يبدو بالضربات الجوية تنفيذاً، وبدول الخليج تمويلاً لأن دول الإتحاد الأوروبي مُفلِسة، لدرجة أن العقوبات الغربية على روسيا لم تعد أوروبا تحتملها لإنعكاسها السلبي على اقتصادياتها، ويوم أمس بالذات، طلب أوباما تطبيق عقوبات أوروبية إضافية على الروس نتيجة ما يحصل في أوكرانيا، فردَّت روسيا بمنع الطيران التجاري الأوروبي من التحليق في أجوائها، مما يتسبب بخسائر مادية كارثية على شركات الطيران الأوروبية نتيجة إلزامها باعتماد خطوط ملاحية إلتفافية طويلة تزيد من كلفة الرحلات، فجمَّدت أوروبا تطبيق العقوبات على روسيا مخافة أن يفعلها بوتين ويُقفل الأجواء الملاحية وتزداد الأزمات المادية الحادة حدَّة في كافة بلدان منطقة اليورو. 
في الوقت الذي تحصل فيه هذه التطورات الكبيرة والخطيرة في المحيط الدولي، والكباش الإقليمي: السعودي المدعوم إماراتيا،ً والقطري المدعوم تركياً، والدور المشبوه لإسرائيل في هذا السياق، وفيما كان الجيش اللبناني يواجه أمس أقسى المعارك في منطقة الحصن بمواجهة الإرهابيين المستوطنين في جرود عرسال، ومع بروز توتر في أماكن تواجد النازحين السوريين، ووسط محاولات قطع طرقات منها إنفعالي عاطفي مبرَّر للتضامن مع الجيش ومنها ما هو تمهيد لخلق الفوضى المطلوبة، نجد البعض يتلهَّى بالولدنات الزاروبية، ويُنزِل صورة الرئيس سعد الحريري من ساحة سعدنايل ويرفع بدلاً منها صورة البغدادي! ثم يُسمَع صوت طلقات نارية من شابٍ "مستقبلي" إعتراضاً على إنزال صورة زعيم المستقبل، فأُنزلت صورة البغدادي وأُعيدت صورة الحريري الى الساحة والى جانبها صورة الرئيس السنيورة وانتصر المستقبل في سعدنايل بمعركة إثبات الوجود عبر تعليق صورة!!
ومع استمرار فريق الرهانات في لبنان حتى على التكفيريين في مواجهة الشريك في الوطن، والتشكيك غير المقبول بقدرات وإجراءات الجيش، نحن نتمسَّك بثقافة مقاومتنا، والبيان الصادر عن أهل الجندي الشهيد المظلوم عبِّاس مدلج ينبثق من هذه الثقافة، وإذا كانت ردود الفعل الشعبية المفجوعة أنزلت بعض الشبان الى الشوارع للتعبير عن التضامن والغضب، فلدينا من الوطنية ما يكبح ردود فعلنا، وما كان الشارع يوماً مسكننا ولا زواريب السياسة الضيقة بحجمنا، والبيئة الحاضنة للمقاومة اختبرها اللبنانيون في الحرب مع العدو واختبروها في حرب التكفير والتفجير التي راح ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ ورُوِّعَ بها الآمنون ودُمِّرت لهم منازلٌ وأبواب رزق، وتُركت المُعالجة كما دوماً لقيادة المقاومة بالتعاون مع الأجهزة الرسمية المختصَّة واجتُثَّ الإرهاب الإنتحاري وتفخيخ السيارات بعملٍ جدِّيٍّ سواء من المناطق اللبنانية أم في كهوف الظلام في القلمون السورية.  
ما حصل قد حصل، وسيحصل الأخطر ربما، وقدَرُ المقاومة أن تواجه مع الجيش والشعب، هذه المخاطر، وسبق لسماحة السيِّد حسن نصرالله التأكيد أن مجتمع المقاومة على استعداد للمشاركة بمواجهة داعش وجماعات التكفير الأخرى، واعتبر أن المعركة ليست صعبة شرط أن تكون لدى الآخرين الجدية والإستعداد، وقد كرَّر سماحة الشيخ نعيم قاسم عبر صحيفة "السفير" ضرورة التضامن المجتمعي والشعبي لمواجهة التكفير الذي بات يُلامس وحدة الوطن وأمن شعبه وسيادة كيانه.
لن يحمي لبنان سوى لبنان، لكننا لن نصرخ كتلك المرأة التي استجارت وصرخت "وا معتصماه"، إنما من حقِّنا أن نخاطب الهامة الوطنية المسؤولة عن صنع النصر والسيادة وننادي السيِّد نصرالله ونقول:  ليكن لباقي العرب ربيع قحطهم ولنا نحن كل الفصول نعيشها كما هي، ورغم مخاطر الجوار الملتهب، فإننا نُحسِنُ جيشاً وشعباً ومقاومة كيف نتعامل معها رغم الإستفزازات الداخلية والتحرُّشات الخارجية، ونراهن، ولا رهان لدينا سوى على الجيش اللبناني الوطني، وعلى حكمةِ سيِّد  مقاومة يعتمر خوذة الحرب في أوانها ويجعل عمامته الوطنية راية سلام الشجعان أيضاً في أوانها، ولأنه لولا هذه المعادلة المقدَّسة لكَانَ لبنان مشروع الولاية الأولى لدولة "الخلافة" منذ نهر البارد وطرابلس وعكار وعبرا وانتهاء بعرسال، لذلك، ننصح بعدم استدراج التكفير أكثر من اللازم الى حيث ترقد بضع خلاياه النائمة، كي لا يتخطَّى المراهنون الأحمر الممنوع، ويندمون على "خراب البصرة" ...