دبوس.. ((منطقة الصفر))..بقلم: ظافر أحمد

دبوس.. ((منطقة الصفر))..بقلم: ظافر أحمد

تحليل وآراء

الجمعة، ٥ سبتمبر ٢٠١٤

يمكن للمسؤول على الصعيد الفردي أن يبدع في البناء وأن يدمّر بقدرات تعادل إمكانية مؤسسات بنائية أو مؤسسات تدميرية..
الميزة الغالبة في أداء مسؤولينا خلال أنموذج سنوات مديدة أنّ المسؤول غالباً يعاند المسؤول الذي قبله في تسيير مؤسسة ما، ويبدأ من الصفر، وفي ملفات شائكة ورثها ممن قبله يجعلها دائماً في منطقة الصفر..، وهذا ما أنشأ عقلية مؤسساتية تعشق منطقة الصفر..
ويمكن استخلاص نقاط عديدة من مشتقات اللف والدوران حول نقطة الصفر، إذ ضمن سياسات إيصال الدعم لمستحقيه أو إعادة النظر بالدعم لتستفيد منه الشرائح المستهدفة والتي تستحقه..ضيّع حكوميو سنوات طويلة طاسة الدعم..، ويقابل ذلك أنّ الارتفاع في معدل النمو وفق إحصاءات لا مصداقية لها ترافق بعدم إحساس شتى (طبقات) المجتمع بعوائد ذلك النمو باستثناء طبقة الأثرياء..!
هذه المفارقة تشكل مفاتيح فهم الأداء الحكومي سابقاً..، وتلك النتائج هي التي تحدد دور المسؤولين السابقين والوزراء تحديداً..
فالسياسات السابقة أدت إلى هيكلة الاقتصاد بما يوزّع معدلات نمو اقتصادي توزيعاً مشوهاً مع عدم دقة ومصداقية الأرقام، وكرّست إعادة توزيع الفقر بدلاً من الحد منه.
كما ترسخت علاقة مشوهة وضعف ثقة بين المواطن والدولة، وتخلخل أداء القطاع الاجتماعي ومخرجاته كماً ونوعاً..، وتقلصت فرص توليد الدخل، وزادت جوانب الهشاشة وتعرض الفقراء إلى التكاليف الاجتماعية التي زادت من أعباء وصعوبات الإصلاحات الاقتصادية، والتخبط في سياسات الدعم..
وإذ كانت المعلومة الرسمية سابقاً وفق التالي: بلغ عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى (حسب مسح دخل ونفقات الأسرة عام 2004) نحو 5.3 ملايين شخص أو 30.13% من مجموع السكان. ومن أصل هذه النسبة هنالك 20 % ممن يعتبرون فقراء و10% ممن يعانون من الفقر الشديد والذين لا يتمكنون من سد الحاجات غير الغذائية بشكل كامل.). فإنّ الصورة اليوم أسوأ بكثير من واقع عام 2004 وحتى قبل الأزمة كانت الصورة تتفاقم سوءاً..
حكوميونا اليوم أمام جردة أزمات في شتى القطاعات ارتباطاً بتفصيلات الأزمة الكبرى المتعلقة بالحرب الدائرة ضد الإرهاب وأثمانها وحتمية العمل من أجل النجاح فيها، فهل من يتم اختيارهم في ظل الأزمة بدرجة ما تطلبه الأزمة من كفاءات؟
يجب إعادة الإضاءة على عراقة سابقة في الأداء الحكومة أدّت إلى تفاوت واضح في توزيع الفقر، إذ تختلف نسبته وفق المناطق الجغرافية، فهو الأعلى في المنطقة الشمالية الشرقية (إدلب، حلب، الرقة، دير الزور، الحسكة) حيث توجد نسبة 58% من الفقراء هناك. (هكذا كان الواقع والأرقام قبل سنوات من الأزمة)، وهناك درجة عالية من التباين في مستوى الفقر والرفاهية بين المناطق والمحافظات المختلفة، وتعد المنطقة الشمالية الشرقية أكثر المناطق فقراً، سواء في حضرها أو في ريفها، فهل ذلك الواقع يفسّر لماذا تلك المنطقة تحديداً هي الأخطر خلال الأزمة في تغلغل الإرهاب فيها..؟
لابد من الإقرار بأن الدولة لم تكن حاضرة بواجباتها تجاه تلك المنطقة سابقاً لذلك حضر الإرهاب مستثمراً ضعف القيم وتمكن في المكان الذي غاب عن ذهن الدولة أنّه قد يشكل مفاجآت..!.
اليوم أمام حكوميي البلد ومؤسساته امتحانات إعادة الإعمار، وإعمار النفوس، والمصالحات الوطنية، وتربية الشباب والطفولة على أسس تؤدي إلى حصانة ما في وجه الثقافة الخارجية المحملة في شاشات الفضائيات واستخدامات الانترنت التي ولّدت صراعات مع الثقافة والقيم الوطنية، واضطرابات في الانتماء والولاءات وضعف القناعة بمستقبل أفضل..
لابد من حكومة أخلاق لمواجهة التردي الأخلاقي في القيم، وحكومة لا بطالة بين وزرائها لمواجهة معدلات البطالة المرتفعة، وحكومة بناء لإعادة الإعمار وحكومة تفكّر في تجربة الماضي القريب لتحسن تعلّم الدروس ..